يعتقد البعض أن ارتفاع الرواتب ومعدل توظيف الموارد البشرية لن يكون له انعكاسات سلبية على مستوى الأسعار العامة مبررين ذلك بان ما يحدث في الأسواق المحلية من ارتفاع أسعار الخدمات والسلع عائد إلى جشع التجار متجاهلين أن ارتفاع تكلفة المدخلات التي من أهمها ارتفاع تكاليف عناصرالإنتاج والتي يمثل عنصر العمالة جزءا كبيرا منها، مما سيترجم إلى ارتفاع في أسعار المخرجات. هكذا يصبح ارتفاع تكلفة المعيشة على مفترق طرق عندما يرتفع متوسط الأسعار السنوية بشكل متصاعد وبدون عودة إلى وضعها السابق. لذا شهد مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة أعلى نسبه ارتفاع له هذا العام في شهر يوليه قبيل شهر رمضان بلغت 1.2% ثم تراجع إلى 0.5% في شهر أغسطس ولكن هذا الاتجاه اخذ مسارا تصاعديا مره ثانية، حيث قفز في سبتمبر من 135.5 في أغسطس إلى 137.7 نقطة وبنسبة 0.9%. فانه من المتوقع ان يرتفع المؤشر في الربع الأخير من هذا العام ليرتفع معدل التضخم من 5.3% في 2010 إلى 5.5% في 2011 وذلك بنسبة 0.3%. هذا المؤشر سيدعمه بالتأكيد ارتفاع رواتب الحكوميين إلى 3000 ريال شهريا من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي وكذلك ارتفاع رواتب المعلمين في المدارس الأهلية إلى 5600 ريال الذي سيرفع تكاليف تلك المدارس على الأهالي الذين يسجلون أولادهم فيها. كما أن هناك تغيرات في هيكل سوق العمل السعودي بعد أن تم تأنيث المحلات النسائية وسيتم توظيف نسبة كبيرة منهن بداية من عام 2012 وبتكاليف اكبر من تكلفة العامل الوافد مما سيرفع من تكاليف الأعمال وإذا كانت الإنتاجية اضعف من أداء العامل الوافد فان ذلك سيقلص حجم المبيعات ما ينعكس سلبيا على مستوى أسعار البيع. لكن لو تم رفع رسوم العمالة الاجنبية فان ذلك سوف يكون له تداعيات اكبر على مستوى الأسعار العامة مضيفا إلى ارتفاع تكاليف إجمالي مدخلات الإنتاج لجميع السلع والخدمات في الاقتصاد السعودي. هكذا نودع هذا العام ليكون نقطة أساس جديدة يتم بناء عليها قياس التضخم في السنوات القادمة لأنها سوف تكون نقطة انطلاق لارتفاع الأسعار مستقبليا بشكل تصاعدي. إذ ليس أمامنا كمستهلكين إلا أن نوازن بين توزيع دخلنا على إنفاقنا وادخارنا حتى لا نقع في فخ ارتفاع الأسعار دون أن نسد حاجاتنا ونشبع رغباتنا عند اقل تكاليف ممكنة. هذا النوع من ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية أصبح حقيقيا وعلينا أن نتعامل معه ونحاول استخدام البدائل المتاحة لكي نحافظ على مستوى معين من المعيشة. فلا نعتقد أن السياسات النقدية أو صرف العملة سيكون له تأثير كبير على ارتفاع الأسعار المتواصل لأنها أصبحت ظاهرة عالمية بل إنه في البلدان المنتجة أصبحت أسعار السلع والخدمات مرتفعة بشكل كبير. هكذا أوضحت مؤشرات منظمة الغذاء العالمية على المستوى العالمي، على سبيل المثال، إن مؤشر أسعار 16 نوعا من الأرز ارتفعت بنسبة 13.7% عند مقارنة الفترة من يناير إلى سبتمبر في 2011 مع نفس الفترة من عام 2010. فإن اتجاه ارتفاع أسعار الأرز العالمية في تصاعد مستمر بعد أن قفزت بنسبة 67% في 2010 مقارنة بعام 2006، مما يؤكد أن أسعار الغذاء تأخذ اتجاها تصاعديا ولن تكن اقل حدة في الأعوام القادمة مع تحذير المنظمة الأسبوع الماضي من تفاقم أسعار المواد الغذائية.