تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، ووزير الصحة المصري عمرو حلمي اطلق الأربعاء الماضي في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إطلاق النسخة العربية من التقرير الإقليمي ل»حالة سكان العام 2011 « البشر والإمكانيات في عالم تعداده 7 بلايين نسمة «، الصادر عن صندوق الأممالمتحدة للسكان «. وشهد اطلاق التقرير حضور نحو مائة مشارك وعدد من الشخصيات الدبلوماسية العربية بالقاهرة، والسفيرة ميرفت التلاوي وزيرة الشؤون الاجتماعية الأسبق في مصر، كما شارك عدد من ممثلي المنظمات والمؤسسات الدولية والعربية المعنية، ووكالات الأممالمتحدة ذات الصلة، وبحضور مدير مكتب الدول العربية لصندوق الأممالمتحدة للسكان. من جانبه أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، على أهمية التقرير بالنسبة للمنطقة العربية في انه يعالج قضايا تمثل تحديات كبيرة وهامة خاصة في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد العربية حراكًا سياسيًا ومجتمعيًا عميقًا ومتوسعًا، كتلك القضايا المتعلقة بالشباب والمرأة وقضايا العدالة الاجتماعية والنمو السكاني ومعدلات الخصوبة والسلوك الديمغرافي وظاهرة الحراك السكاني والهجرة وقضايا البيئة والتنمية وتحديات تحقيق أهداف مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية بحلول 2014 والأهداف التنموية للألفية بحلول 2015. ولفت العربي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه السفيرة سيما بحوث الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية، إلى أنه بينما يصل سكان العالم إلى 7 مليارات هذا الأسبوع، فسيصل حجم سكان الوطن العربي إلى 367.4 مليون نسمة، أي ما نسبته 5.2% من إجمالي سكان العالم. وأشار العربي إلى تطور النمو السكاني في المنطقة العربية خلال الثلاثة عقود الاخيرة بشكل مضطرد، إذ ارتفع حجم السكان من 76 مليونا عام 1950 إلى 144 مليونا عام 1975، بمعدل نمو سنوي بلغ 2.5% ارتفع إلى حده الأعلى ليصل 2.7 % خلال الفترة 1975 2000 وليصل حجم سكان المنطقة في نهاية القرن الماضي إلى 284 مليونا. وأضاف: إن التغيير في التركيب العمري في المجتمعات العربية سوف يؤدي إلى حدوث زيادات كبيرة في أعداد المسنين ونسبة ما يشكلونه من السكان، وتشير التقديرات إلى أن إجمالي المسنين في الوطن العربي ممن هم في العمر 65 سنة أو اكثر سيبلغ في 31 أكتوبر الحالي 16.7 مليونا يشكلون ما نسبته 4.1% من إجمالي سكان العالم العربي وسيصل هذا العدد إلى 17.7 مليون نسمة بحلول عام 2015، وهذا يزيد من الأعباء المجتمعية نتيجة التكلفة العالية لتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة لهذه الفئة من السكان خاصة في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية للمجتمعات العربية. ولفت العربي إلى أن التقرير يركز على الشباب ويصفهم «بهذه القوة الكونية الجديدة التي تعيد تشكيل العالم»، مشيرًا إلى التناقض الصارخ بين ما يمثله الشباب من قوة سكانية هائلة، وما يواجهه من تحديات مركبة متمثلة أساسًا في ضعف فرص التشغيل والتعليم والخدمات الصحية وضعف المشاركة. وقال العربي إن التقرير أكد أن ضمان حقوق الشباب وتلبية حاجاته الأساسية من شأنها أن تساهم في تحقيق عدة أهداف تنموية استراتيجية حالية ومستقبلية ويخص ذلك بالأساس دول الجنوب ذات الكثافة الشبابية العالية حيث يعيش حوالي 85% من سكان العالم من سن 14 25 سنة في الدول النامية، مشيرًا إلى أن نسبة الشباب العربي دون ال25 تبلغ حوالي 70% من مجمل سكان المنطقة وهم الأكثر تعليمًا ولديهم خبرات ومهارات لم تتح للأجيال السابقة خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وهم الأكثر تفاعلا مع ثقافات العالم، والأكثر قدرة على الابتكار والإبداع، والأكثر طموحًا وتطلعًا للمستقبل، ولكنهم يواجهون تحديات عديدة ومركبة تحول بشكل كبير دون تحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم وتعيق التوظيف الأمثل لقدراتهم وتؤدي إلى رغبة عالية لديهم للهجرة، أهمها ارتفاع نسبة البطالة بينهم والتي بلغت حوالي 26% في المتوسط وهي أعلى نسبة بطالة في العالم، وانخفاض نسبة المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذلك تردي جودة التعليم والخدمات الصحية وانتشار الفقر إضافة إلى ضعف السياسات والبرامج والمؤسسات الشبابية الحكومية والأهلية. ولفت الأمين العام إلى أن الحراك الشعبي الحالي في المنطقة العربية والذي غلب عليه الطابع الشبابي له علاقة مباشرة بأوضاعهم هذه، كما أشار التقرير الدولي نفسه. ونوه بموضوع تمكين المرأة والفتاة العربية وضمان حقوقها في الصحة والتعليم والحياة الأفضل، معربًا عن أسفه بأنه لاتزال مشاركة المرأة العربية الأقل عالميًا في المجال السياسي والأضعف في المجال الاقتصادي كما لا تزال أمية الإناث عالية ومعدلات وفيات الأمهات مرتفعة. وأكد انه من الإنصاف الإشارة إلى انه رغم التحديات قد حققت العديد من الدول العربية انجازات مهمة كان لها الأثر القيم على أوضاع السكان وخصائصهم، ومن ذلك التحسن البين في خصائص الأجيال الجديدة المشاركة والكفاءة والشفافية والفرص المتساوية والعمل على تكريس ثقافة المواطنة والحوار وقبول الرأي الأخر بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة والعيش الكريم للمواطن العربي. من ناحيته قال حافظ شقير مدير المكتب الإقليمي لصندوق الأممالمتحدة للسكان بمناسبة إطلاق التقرير الأممي، إن أهم ما يستكشفه التقرير هو ظهور الشباب كقوة فاعلة جديدة تتمتع بالطاقة اللازمة لدفع عجلة التغيير على مدى العقود القادمة، فنسبة سكان العالم البالغ أعمارهم 24 سنة أو أقل تشكل قرابة نصف السكان، كما ان نسبتهم المئوية من سكان بعض البلدان النامية، كمصر، والمغرب، وتونس، والجزائر، بلغت فعلا ذروتها. وطالب الحكومات والقطاع الخاص أن يبادرا بتأهيل الشباب للقيام بادوار منتجة وذلك عن طريق توفير التعليم والصحة، وخلق فرص العمل اللائق لفئات الشباب في مرحلة مبكرة من حياتهم العملية وضمان مشاركتهم الفعلية في الحياة الاجتماعية والسياسية. ولفت شقير إلى مدى انخراط الشباب في رياح التغيير الناتج عن الاحتقان السياسي، وسد الآفاق أمام شرائح واسعة من المجتمع، ولا يخفى على أحد أن من أسباب هذا التغيير تفاقم الفقر والبطالة، وهو ما يعطي الأهمية القصوى للنهوض بقطاع الشباب، مع التركيز خاصة على التشغيل، لدوره الذي يساهم مباشرة في تقوية الروابط الاجتماعية داخل المجتمعات بالإضافة لتيسير وتفعيل مشاركة الشباب في معالجة مختلف القضايا التنموية والاجتماعية. ونبه أنه لم يعد يفصلنا عن الأهداف التي تم الاتفاق عليها في القاهرة خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لسنة 1994 إلا ثلاث سنوات وأربع سنوات عن الموعد النهائي المتوخى لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مطالبا ببذل اقصى مجهود لرفع التحديات وتعبئة كافة القوى في البلدان العربية لاحراز التقدم المنشود في مؤشرات التنمية. يذكر أن صدور هذا التقرير يأتي بمناسبة بلوغ تعداد سكان العالم 7 بلايين نسمة بحلول نهاية هذا الشهر، وفي هذا السياق يتناول التقرير عددا من القضايا السكانية والتنموية على الصعيدين الدولي والإقليمي العربي، من بينها دور الشباب في إعادة تشكيل العالم وسبل إطلاق طاقاتهم الإبداعية من خلال الفرص التي تتيحها أعدادهم المتزايدة حول العالم والتي وصلت إلى أعلى معدلاتها عبر التاريخ، ويتعرض التقرير إلى بعض القضايا والتحديات التي تواجه الشباب مثل الزواج المبكر، والوقاية من الأمراض الفتاكة كمرض الإيدز. وتناول التقرير عددا من القضايا المتعلقة بكبار السن، مثل الفقر والتهميش، ويبحث التقرير سبل تمكين كبار السن كي يقوموا بدور أكثر نشاطاً في مجتمعاتهم المحلية. كما يستعرض التقرير قضايا النوع الاجتماعي، وسبل إزالة الحواجز أمام تحقيق المساواة بين الجنسين، بما يمكّن المرأة من التمتع بقدرتها على اتخاذ القرارت التي تخصها، وتحقيق كامل إمكاناتها.