وران على الوطن وأهله حزن وكمد مديد.. رحل الأمير وجثمت على الصدور لوعة الفقد والأسى.. ورحل الخبير وارتاعت لرحيله كل القطاعات التي كان يشملها برعايته ويحيطها بخبرته الإدارية ونظرته البعيدة وأفقه الواسع.. رحل القدير الذي أفاض بقدرته الإدارية وبراعته القيادية على كل وزارة وكل هيئة وكل مؤسسة حكومية وأهلية.. عسكرية ومدنية داخلية وخارجية.. ريعية وخيرية رحل سلطان بن عبدالعزيز.. صاحب المناصب.. وجامع المناقب.. سلطان الذي تسعى إليه المناصب والمسؤوليات لتتطبع بأحسن الصفات وأكرم الطباع.. لقد فجعتني وفاته ولاشك ان الفجيعة عامة على كل أبناء هذا الوطن وعلى كل المقيمين وهي كذلك فجيعة لكل العرب وكل المسلمي وكل البشر الذين عرفوا سلطان بن عبدالعزيز فارسا نجيبا وقائدا محنكا خاض في معركة السياسة فبرع أيما براعة وتعهد العديد من الملفات السياسية الصعبة فكك عقدها وحل شائكها وتولى العديد من المهام الجسام ولم تثقل كاهله فقد أنزلها منازل التيسير والتوفيق والنجاح.. كان سلطان بن عبدالعزيز علامة فارقة بلاشك في جبين الدولة السعودية الثالثة ترسمت بوقعه وأدائه في كل محفل وكل مشهد.. كان ظله - يرحمه الله - يشيع الدفء في النفوس والأمان في الصدور، كان حاضرا حتى في غيابه لأنه - يرحمه الله - يسكن في القلوب والمهج ويرتسم وجهه الباسم في أحداق الناس الذين بكوا لفقده وحزنوا أشد الحزن على موته.. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجزي الأمير سلطان بن عبدالعزيز خير ما جزى عباده الأبرار وأن يسكنه الفردوس الأعلى جزاء وفاقا لما قدم وأعطى وأنفق وأغدق على الناس كل الناس رجالا ونساء مواطنين وغير مواطنين وأن يجزل له المثوبة جزاء ما قدم من عمل خلال أكثر من ستين عاما داخل وطنه الصغير أو في الوطن العربي الكبير أو في عالمنا الاسلامي أو لقاء ما قدم للانسانية والبشرية والعالم الدولي.. والعزاء قبل ذلك كله موصول لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والنائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز ولكل إخوانه وأبنائه وللأسرة المالكة وللشعب السعودي كافة في هذا الفقد الجلل.. وأحسن الله عزاء كل الأرامل والثكالى واليتامى والمساكين الذين أحاطهم عليه رحمة الله وغفرانه بعطفه وحنوه إنا لله وإنا اليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.