رغم إجماع كل الذين تابعوا انتخابات المجلس التأسيسي التونسي من مراقبين من الداخل والخارج على حسن سير العملية الانتخابية وشهد الكل بشفافيتها ونزاهتها وبالدور الكبير الذي قامت به الهيئة المستقلة للانتخابات. إلا أن مخاضاً عسيراً تشهده الساحة السياسية في ظل "تقاطر" النتائج النهائية وما يرافق بعضها من غموض وتجاذبات بين مختلف الأطراف خاصة بعد بروز مفاجئ لطرف جديد لم يكن في حساب أحد وهو (العريضة بقيادة الهاشمي الحامدي) مقابل سقوط ما كان يعتقد أنهم أبرز المرشحين (التقدمي لأحمد نجيب الشابي والعمال الشيوعي لحمّة الهمامي. وبروز لافت لحركة النهضة التي تبوأت المراتب الأولى في كل المناطق يليها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والعريضة الشعبية. وهذه الأخيرة أثارت الكثير من الانتقادات والطعون في شرعية "صاحبها" صاحب قناة المستقلة المقيم خارج البلاد منذ أكثر من عقدين والمحسوب على النظام السابق والذي اعتمد في حملته الانتخابية على أطراف مشبوهة واعتماده وسائل فيها الكثير من الخروقات والتجاوزات حسب ما يؤكده هي محل تتبعات قد تطرح على القضاء قريبا خاصة بعد الوقفة الاحتجاجية لمئات المواطنين أمام مقر مركز الإعلام التابع للهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطالبين بتطبيق القانون على كل من تجاوز وخرق القانون وتتعلق هذه التجاوزات بالخصوص بالدعاية السياسية في يومي الصمت الانتخابي والتصويت وتوزيع البيانات الانتخابية لبعض القائمات المترشحة أمام مكاتب الاقتراع إلى جانب تقديم مبالغ مالية للناخبين قصد شراء أصواتهم. أما حركة النهضة التي حققت فوزاً كاسحاً فقد بدأت في الاستعداد لتشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة باعتبارها حزب الأغلبية ورشحت لرئاستها أمينها العام حمادي الجبالي المهندس ورئيس تحرير"الفجر" سابقا الذي بدأ في مشاورات لاشراك بعض الأحزاب والشخصيات السياسية فيها. كما اعلنت الحركة عن مشاوراتها بخصوص اختيار رئيس جديد من بين بعض الوجوه المشهود لها بالكفاءة ومنهم الوزير الأول الحالي الباجي قائد السبسي ومصطفى بن جعفر ومنصف المرزوقي. وقد عبرت بعض التيارات الحزبية والسياسية عن قبولها المشاركة في التشكيل الحكومي المنتظر بعضها بشروط في حين أعلنت أحزاب أخرى رفضها لذلك مخيرة بقاءها في صف المعارضة. كما أعلن الهاشمي الحامدي (العريضة الشعبية) عن استحالة تعامله مع حركة النهضة ومع رئيس حكومتها حمادي الجبالي مؤكداً عدم دخوله الى تونس وبقاءه في لندن.