لم يكن يوم السبت الذي أعلن فيه خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود يوماً عادياً. كان يوماً حزيناً اختفت فيه البسمة وسالت به الدموع وتكدرت فيه الخواطر.. من ذا الذي لا يحزن ولا يعتصر قلبه الألم لوفاة الأمير سلطان ؟ الحياة والموت والصحة والمرض من سنن الكون وكلنا ولله الحمد مؤمنون راضون بقضاء الله وقدره. لكننا مكلومون.. راعنا فراق من أجمع الناس على حبه، على نبله وكرمه، على عطائه المتميز للوطن ودعمه لأعمال الخير الذي لا يعرف الحدود. لم تكن اسهامات الأمير سلطان مقتصرة على الوطن والمواطنين وهي إسهامات متميزة بكل المقاييس وعصية على الحصر، لكنها امتدت عبر تاريخه المجيد إلى الدول الإسلامية بل والعالم أجمع، فأعماله الإنسانية الضخمة بحجمها والكبيرة في عددها فاضت إلى خارج الحدود، والمبادرات التي تبناها والمواقف التي اتخذها ساهمت في حل العديد من القضايا الشائكة فنال بجدارة احترام وتقدير العالم. محظوظون هم الذين عملوا تحت قيادته. كنت من هؤلاء المحظوظين. أكرمني الله بالسفر مرات خارج المملكة معه رحمه الله وأكرمني كذلك بالعمل في لجان تحت رئاسته، فيالها من تجربة ثرية ويالها من مدرسة راقية في فن القيادة والمفاوضات وبعد النظر والتعامل الإنساني. كان يحرص في كل المواقف التي يتبناها والقرارات التي يسعى إلى اتخاذها ألا يجرح المختلفين معه ولا يقلل من شأنهم، كان له أسلوبه العجيب في الاقناع وفي احتواء من يختلف معه في الرأي. مجموعة من الصفات النبيلة والمواهب المتعددة والقدرات الفائقة وضعها الله في شخص الأمير سلطان بن عبدالعزيز فسبحان من يزيد في الخلق ما يشاء. وبرحيل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام فقد الوطن رجلاً عظيماً كان حاضراً في كل القضايا المحلية والدولية. وكان الساعد القوي والمعين الأمين لقادتنا أولئك الذين لحق بهم رحمهم الله جميعاً، ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله من كل مكروه وأعانه على تحمل هذا المصاب الجلل. رحل الأمير سلطان من هذه الدنيا بشخصه، ولكنه باقِ بأعماله الخالدة.. ستبقي هذه الأعمال في المملكة وخارج الحدود شاهدة على ما قدمه من أعمال جليلة لوطنه وأمته جعلها الله في ميزان حسناته وجعل الفردوس الأعلى مقره ومقامه وألهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية، واخوان وأبناء الفقيد والشعب السعودي الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. * وزير النقل