أغمضت عيناه -رحمه الله-، ولكن لن تغمض عيون تلك المساحات الشاسعة من الأمل والعطاء التي سعي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز أل سعود على أن يجعلها الحارس الأمين لتوفير احتياجات المحتاجين والأيتام والمعاقين والنساء المعوزات والأرمل والمطلقات؛ ليصبح أثره الإنساني امتداداً لغيابه الذي أوجعنا حتى النخاع, رغم أنه غياب للجسد والذي ترجم حضور العمل الخيري بكل مفرداته الإنسانية والذي يعني حقيقة الوجود الإنساني للإنسان بأثره الطيب العطر. الأمير سلطان بأبوة صادقة يصعب وصفها, أبوة من القلب وإلى القلب تجاه الأطفال المعاقين والذي استطاع بإنسانيته اللامتناهية أن يعانق فيهم براءتهم وطفولتهم؛ فرأيناه وهو يخاطب طفلاً معاقاً يسير بعربته المتحركة فيطلب -رحمه الله- أن يحمله بين يديه متواضعاً ومتبادلاً معه أسمى مشاعر الحب في حوار الحب؛ ليصل بذلك اللقاء القصير في وقته والكبير في معانيه والذي سيظل راسخاً في ذاكرتنا إلى كل القلوب التي تعتصر ألماً وحاجة ووجعاً؛ فيداويها عن بعد بكلماته الحانية، وتواضعه الجم ويرسل رسائل حب لشعبه الذي أحبه بأن قلبه وبابه مشرعان لكل الحاجات التي كان يسعد كثيراً بقضائها. سلطان الخير لكل المحتاجين فوق الخارطة الجغرافية يتابع أمورهم عن قرب ويفتح لهم قنوات من العطاء لا تنتهي إلاّ بعطاء أكبر؛ يخرس من خلاله أنين الأفواه الجائعة، ويعالج وجع الأجساد المتعبة، ويرمم شروخ البيوت المتصدعة ويغيب الخوف من الغد المجهول, فيتحول العطاء الإنساني فيه "رحمه الله" إلى غيمة حب ممتدة حتى آخر حدود الأرض تمطر الأراضي اليابسة المتشققة, فينبت زهر الياسمين الشذى وتعلو سنابل القمح الذهبية لتعانق السماء ويشرق فجر جديد يزيح شبح الفقر من فوق الوجه المجعدة من الجوع. سلطان الإنسانية هو الإنسان بلغة الإنسان البسيط القريب من شعبه المتلهف بحب لنجدة المحتاجين, نراه يربت بيديه الحنون فوق رؤوس الأيتام.. يطمئنهم أنه بجانبهم ومعهم أينما كانوا ومهما زادت أعدادهم؛ ليحلق بهم فوق مدارات الكون بعيداً عن نظرة تؤذيهم أو كلمة تحرجهم أو غداً لا يحمل في تفاصيله شيئاً لهم؛ ليصنع لهم مستقبلاً ما كان ليتحقق إلاّ بإرادة الله التي كان تدفعه نحو الخير بهدوء دون ملل أو ضجر، بل إنه كثيراً ما كان يشعر أنه مسخر من عند الله لرعاية المحتاجين ولذلك كان دوما يردد في مناسباته الرسمية قائلا: "إنني أشعر إنني أبن لكم وأخ لكم، ويشرفني خدمة صغيركم قبل كبيركم"؛ لتصدح من بعد كلماته الصادقة دعوات الخير له بأن يصبح عمره الذي عاشه -رحمه الله- بين هموم الفقراء عمراً ذاخر بالحسنات التي ندعو الله أن تثقل ميزان أعماله. ورغم زخم مشاغله "رحمه الله" لم تغب المرأة السعودية عن مساحة تفكيره والتي كان يؤمن بقدراته وعطائها ويثمن نجاحاتها المتكررة؛ فدعمها من خلال المشاريع التي قدمها لها عبر الصناديق والمؤسسات الخيرية التي تدعم عمل الأسر المنتجة؛ حرصاً منه على أن تدعم نفسها بنفسها دون الحاجة للاعتماد على الغير في توفير احتياجاتها الضرورية، وذلك من خلال صندوق حمل اسم سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة لتمويل المشروعات التي تمكنها من تسديد القرض الأول بهدف تطويرها وتوسعتها وتحويلها إلى مشروعات متوسطة. وقد أثبتت هذا الصندوق قوة مشروعاته ونجاحه في تحقيق متطلبات سوق العمل؛ فالصندوق حسب المؤشرات يُقدِّم لجميع المشروعات القائمة الاستشارات وآليات تطويرها بهدف تقوية عصب المشروعات وإثبات جدارتها، خاصة أن جميع المستفيدات يخضعن إلى برنامج إعدادي يعمل على تأهيلهن لمواجهة متطلبات السوق وكيفية الخوض في غماره. وماذا بعد غيابك "يا سلطان الإنسانية" إنه سؤال يفرض نفسه أمامنا بقوة يهزم قدرة استيعابنا لفقدك, ورغم أننا نحاول أن نتجاوز الإجابة عليه إيماننا بإن هذا الغياب الذي نتجرع مرارتها هو الطريق الذي نصطاف جميعا للسير فيه دون إرادة أو موعد, إنه الموت الحقيقي لمشاعر تجد صعوبة في رثاء غيابك. أميرنا الإنسان يؤلمنا غيابك, لأنه كان دون وداع لأطفال كنت بمثابة الأب لهم، ولنساء كنت السند بعد الله إليهن، ولفقراء أخرست أنين الجوع في أوردتهم، ولمرضى ساندت لحظات أوجاعهم. يا "أمير الإنسانية" اننا نحبك أكثر مما أحببت الخير لنا جميعاً، وستظل تدمع أعيننا على غيابك الذي نعجز عن وصفه بكلمات ترفض المرور بين السطور أكثر من ذلك. ولي العهد مع أطفال الجمعية الخيرية لرعاية الايتام بمكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف ولي العهد خلال افتتاح ميدان الأمير سلطان بمدينه الملك فهد العسكرية بالمنطقة الشرقية سموه يستقبل أبناء الشهيد الرشيد سموه يلتقي منسوبي جمعية الأيتام ..الفقيد يقبل رأس أحد الجنود البواسل في حرب تطهير الحد الجنوبي .. ويفتتح مشروعاً خيرياً في القصيم .. وهنا لحظة تكريم للفقيد على أعماله الإنسانية الراحل تكفل برعايه الطفل يوسف محمد الخثعمي مدى الحياة الفقيد لدى افتتاحه وحدة الزراعة وأمراض الكبد في مستشفى القوات المسلحة فقيد الأمة ورجل الخير والإحسان