يقف كثيرون في العالم ، بشيء من الدهشة والإعجاب، عند العلاقة القوية وحالة الحب العميق ،التي تربط الشعب السعودي بقيادته، ويتساءلون عن سر عمق هذه اللحمة والمودة بين الطرفين ؟ فنجيبهم بأن جوهر هذه العلاقة بين الشعب السعودي وقيادته، هو (الحب الصادق) التي شكلت سطوره تلك العلاقة فولدت مشاعر صادقة لا يخالطها شك في روح الانتماء للوطن ،وصدق الولاء للقيادة الحكيمة التي أشعرت المواطنين بأنها منهم وفيهم ،وأنها وجدت بتوفيق من الله وقدره لأجلهم ،فلا تعالي ولا فوارق تحكم علاقة القيادة بالشعب في المملكة العربية السعودية ،والتي عانت منها شعوب كثيرة من قياداتها التي سامتها ألوان العذاب، أما نحن في السعودية فقد وجدنا أنفسنا نسكن قلوب قيادتنا ،كما هم يسكنون قلوبنا ،فكانت العلاقة ملحمة من الحب جمعت الطرفين ،علاقة زينها التواضع والتآلف والتقدير حتى تجاوزت "علاقة حاكم بمحكوم"، واستشعر المواطن حكمة قيادته في تسيير حياته، من خلال انتهاجها سياسة الهدوء والعقلانية والحكمة شكلت ميزان السياسة السعودية التي جنبت البلاد ويلات الحروب ،وساعدت على أن تتحقق للوطن نهضة ،وللمواطن ازدهارا وتنمية ، طالت جميع مناحي حياته في عمر قصير إذا ما قيست سنوات الوطن منذ توحيده بسنوات كثير من الدول لم تحقق ما حققناه ،وأسست هذه القيادة أركان الدولة على شرع الله وسنة نبيه المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وأخذت بهما دستورا للبلاد ، ونهجت السياسة الهادئة التي يحكمها العقل ،وراعت فيها ثوابت الوطن منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز غفر الله له، وسار على هذا النهج الثابت أبناؤه من بعده الملوك سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد رحمهم الله جميعا، وأكمل المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله ،ولهذا نحن نَغبط على قادتنا، الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدين والوطن بإخلاص، وحملوا قضايا الأمة العربية والإسلامية بصدق ،وشاركوا الشعب طموحاته وتطلعاته، وعايشوا هموم حياته، حتى شعر المواطن بأنه يسكن قلب القيادة، ومعه شعرت القيادة بأنها تسكن قلب المواطن. ولهذا فحق لأعين أن تبكي رحيل صاحب القلب الكبير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ،ولي العهد ،والذي سطر سيرة ،وترك أثرا ،ستبقى خالدة الدهر ،تحكي مواقف النبل والكرم والشهامة ،وحق لقلوب أن تفجع لرحيل رجل امتد عطاؤه ،فشمل الكثيرين في الداخل والخارج ،فرحمه الله رحمة الأبرار ،وأسكنه فسيح جناته.فكم محزون واساه ومسح أدمعه ،وكم من مريض جار عليه دهره ،فوجد في سلطان من يداوي جراحه،وكم من مكروب هزمته فواجع ومصائب، فكان سلطان بعد الله سببا في جلاء كروبه ،وكم من موجوع حطمته أحزانه ،فكان سلطان الخير بتوفيق الله ،معينا له في زوال أحزانه، لقد كان –يرحمه الله –يحمل قلبا ينبض بهموم الناس ،ويحس بأوجاعهم ،حتى وهو على فراش المرض، واليوم بعد رحيله ستفتقد الأعين رؤية سلطان الخير ،بابتساماته المشرقة التي كان يشع بها أرجاء المكان الذي ينزله ،فلقد كان سموه يرحمه الله، ما أن يحل مكانا، حتى تزدان المشاعر بالفرح لوجوده، وتنتعش القلوب بدفء حنانه لإطلالته ،وتسعد النفوس بضيء ابتسامته التي لم تكن تفارق محياه حتى في لحظات وجعه ،كان –يرحمه الله، يحمل في قلبه هم أمته، ويرحل بقضاياها في كل قمة ،لهذا فحزننا على فراقه كبير، ونحن نعزي القيادة وأنفسنا ،ليس لنا إلا قول ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون ).