بعد تسعة أشهر من سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووسط احتياطات أمنية مشددة توجه أمس أكثر من أربعة ملايين ناخب تونسي إلى مراكز الاقتراع لاختيار مرشحيهم للمجلس الوطني التأسيسي الذي سيصوغ دستورا جديدا للبلاد في مشهد لم تألفه تونس من قبل حيث شهدت مراكز الاقتراع ال 7213 إقبالا شديدا منذ الساعات الأولى واصطف التونسيون في طوابير طويلة امتدت للشوارع المحيطة بهذه المراكز والكل يسعى لغمس سبابته اليسرى في الحبر الأزرق لتأكيد انخراطه في التأسيس للجمهورية الثانية التي فرضتها ثورة الرابع عشر من يناير الماضي بقضائها على نظام ابن علي ورموز حزبه. وما يزيد في تعلق التونسيين بهذا الاستحقاق التاريخي في انتخابات حرة وشفافة أنها تشهد مشاركة 77 حزبا وائتلافين حزبيين من جملة 116 حزبا سياسيا مرخص لها بالنشاط تتنافس من أجل الفوز بأقصى ما يمكن من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي (217 مقعدا) منهم 18 مقعدا للتونسيين بالخارج ترشح لها 11618 مترشحا ينتمون إلى 655 قائمة مستقلة و828 قائمة حزبية و34 قائمة ائتلافية.انتخابات الثالث والعشرين من اكتوبر الحالي تعد يوما تاريخيا يمارس خلاله الشعب التونسي سيادته في انتخاب نوابه بالمجلس وهو استحقاق اكتسبه الشعب بنضاله وتضحيات ابنائه هذا ما عبّر عنه رئيس الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي إثر الإدلاء بصوته مؤكدا أن "الشعب التونسي يكتب اليوم صفحة جديدة تفصل بين عهدين، صفحة يمكنه أن يتباهى بها بين الأمم المتحررة والمتقدمة، كدولة تصبو إلى حكومة ديمقراطية". معبرا عن أمله في الحفاظ على هذا المكسب وعدم الرجوع إلى الوراء مضيفا "نهنئ الشعب بهذا الكسب ولنا ثقة في ان ابناء شعبنا سيعتبرون هذا الكسب نهائيا وسيسيرون دائما الى الأمام كدولة متحضرة ذات سيادة". ومن المنتظر أن تعلن النتائج النهائية لانتخابات أعضاء المجلس التأسيسي اليوم. من جهته اعلن الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع انه سيقبل نتيجة الانتخابات "مهما كان الفائز" وانه سينسحب "نهائيا من الحياة السياسية" حال تسليم الرئاسة لرئيس يختاره المجلس التاسيسي المنتخب وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة الصباح التونسية الاحد. واوضح المبزع " سأعترف بالنتائج مهما كان الفائز ومهما كان اللون السياسي للاغلبية القادمة وسأسلم الرئاسة لمن يختاره المجلس الوطني التاسيسي المنتخب رئيسا جديدا للجمهورية فور مباشرة المجلس مهامه واكمال الجوانب الاجرائية".