بوفاة المغفور له إن شاء الله صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، افتقدنا شخصية إنسانية في أفعالها الخيرية داخلياً وخارجياً، ورجل دولة من طراز فريد حين أخذ موقعه في الدولة منذ كان رئيس الحرس الملكي زمن والده، ثم تعددت مناصبه، إلى أن وصل ولياً للعهد، وقد كان - رحمه الله - رجل المناسبات الكبيرة، أدى دوراً أساسياً في حل قضايا سياسية واجتماعية، وحوّل وزارة الدفاع إلى مؤسسة كبيرة طبية وتربوية إلى جانب مهامها الرئيسية في الدفاع عن الوطن.. ويحظى سموه بمحبة كبيرة، لأنه حاضر في كل مناسبة، وبصداقات عربية وعالمية، وقد مكنته تجربته على مدى تسلمه مهام الدولة لسنوات طويلة، أن ظل مثار احترام وإعجاب من عرفوه، ومن تعاملوا معه من عسكريين ومدنيين وكان مدرسة في قدرته على التعامل مع الأحداث والمواقف بقوة إرادته، وكان متوازناً حتى في أقسى الظروف، وقد رافق إخوانه من الملوك، بعد وفاة والده، وكان نموذجاً صادقاً في الوفاء والقدرة على أداء العمل بروح مخلصة.. الوفاة جاءت بحزن عربي وعالمي لمكانة سموه وأثره في علاقاته الشخصية والرسمية، ولعل سجله شاهد له في العطاء والتفاني وتلمس احتياجات الناس من كل الطبقات، وقد ساهم في أدوار مهمة في التنمية الاقتصادية والإدارية واختيار العديد من الأشخاص لمناصب مرموقة في الدولة، وجاءت مساهماته كمسؤول كبير وخبرة في مختلف المجالات.. المملكة بوفاته - رحمه الله - فقدت رمزاً أعطى وجدد ورأس عندما جند طاقاته في خدمة وطنه ونحن فقدناه جسداً، ولم نفقده في الآثار التي تركها، والتي ستبقى طويلاً أسوة برجالات هذا البلد ممن حافظوا على قيمنا واستقلالنا وتسيير موارد بلدنا في البناء الشامل لتصبح المملكة مركزاً أساسياً في عالم اليوم اقتصادياً وروحياً وسياسياً، وحين نفخر برجالنا فإن مصدر ذلك هو الإنجازات التي فاقت السرعة الزمنية، وفي استقرار تام في منطقة افتقدت الأمن الوطني والتنمية المستدامة.. لم يكن العبء على قادتنا فقط بالأوضاع الداخلية، بل تشهد لهم مواقفهم أمام الظروف الصعبة العربية اقتصادياً وعسكرياً، فقد كانوا المؤيد والداعم معتبرين أن المملكة عضو عمل ومسؤولية، حتى إن منحها وقروضها ومساعداتها جاءت في المركز الأول عربياً وعالمياً.. الأمير سلطان كان أباً ووزيراً، وولي عهد، وكان مثال رب الأسرة ورجل المسؤوليات، تشهد له في ذلك الأفعال الكبيرة، والتي لا يفاخر بها معتبرها واجباً يساهم فيه، وهذا الإنكار للذات قرّبه من طبقات المجتمع بمختلف شرائحه، وزاد من محبته.. لقد تعودنا في المملكة بالأفراح والأحزان أن يكون إيماننا كبيراً، لأن الأقدار يحكمها الواحد القهار، وبفقدان شخص بوزن ولي العهد الأمير سلطان، نجد أن الأسرة الكريمة هي وحدة واحدة في عملها وأدوارها المختلفة.. رحم الله صاحب المواقف الإنسانية، وصاحب الريادة بالمساهمة في بناء وطنه ، والعزاء لخادم الحرمين الشريفين الذي كان وقعُ الحادث عليه كبيراً، ثم لأشقائه وأسرته وأبناء وطنه وأمته العربية والعالم الإسلامي الذي كان يعرفه نبيلاً، سخياً في عطائه وأفعاله..