في عصر يوم الجمعة 19 من ذي القعدة لعام 1430ه فقد الوطن أحد أبنائه المخلصين وهو يقود كتيبته الخاصة بالاقتحام والمهمات الصعبة في جبل دخان على الحدود السعودية اليمنية، إنه أخي المقدم مظلي ركن سعيد محمد معتوق العمري، الضابط الذي قدم من تبوك قبل الحادثة بثلاثة أيام ملبياً نداء الوطن بالتوجه إلى جيزان لأن المعتدين الحوثيين تجاوزوا حدود بلادنا الطاهرة وتسببوا في مقتل أفراد حرس الحدود، جاء مع كتيبته الخاصة رقم ( 85 ) وهم يحملون لواء الدفاع عن تراب الوطن ومنسوبيه ، ولأن الفوز والانتصار لا بد له من ثمن. كان المقدم العمري أول ضحايا الهجوم ضد المعتدين، حيث استشهد قبل أفراد كتيبته في موقف يؤكد شجاعته وإقدامه وفدائيته، كانت وفاته حدثاً جللاً كونه جاء ضد قوة خارجية للمرة الأولى منذ حرب الخليج عام 1990م وهي الحرب التي شارك فيها الفقيد في أول أيام حياته العسكرية، لذلك فسيرته العملية توضح كم يمتلك من السجل الشرفي الحافل في الحرب ضد أعداء الوطن منذ أن كانت رتبته ملازماً حتى مات مقدماً وكرم برتبة عقيد بعد وفاته، وبين الكويت واليمن شارك الفقيد في القوة الدولية في الصومال عام 1993م، لهذا فهو نموذج مشرق للعسكري الذي يلبي نداء الوطن في كل جهة وفي كل قارة، كانت وفاة الشهيد العمري حدثاً كبيراً قبل سنتين حيث كان حديث المجالس والمنتديات الإليكترونية والقنوات الفضائية ، حيث استعاد زملاؤه وأقاربه كافة تفاصيل حياته وسيرته العسكرية فأثنى عليه زملاؤه في ذات المهمة وبكى عليه زملاؤه الذين كانوا ينتظرون عودته وهم في جهة أُخرى من جبهة القتال والدفاع عن تراب الوطن ، بكى عليه زملاؤءه في المدينة العسكرية بتبوك ومن عرفه في المناطق العسكرية الأُخرى من المملكة في الرياض والخرج وخميس مشيط وحفر الباطن والطائف ، بكى رحيله أمه وأبوه وإخوانه وأخته وزوجته وبناته الخمس وابنه الوحيد ولكن كان بكاء حزن ممزوج بالفخر كون نهايته كانت سعيدة له ولهم في الدارين بإذن الواحد الأحد الذي وعد الشهيد بالجنة والشفاعة لسبعين من أهل بيته. فالشهادة في سبيل الوطن والدفاع عنه ضد أعدائه هي من أروع المفاخر وأكبر المكاسب في عصرنا هذا الذي زاد فيه الأعداء وكثر علينا الخارجون عن الدين والولاء للوطن والحقد عليه من أطراف خارجية عدة ، ولكن بفضل الله ثم بأبناء الوطن المخلصين الكثر من أمثال سعيد ممن تدرب على يده وتتلمذ على نهجه هو وغيره من رجالات الوطن سيبقى هذا الوطن شامخاً ضد أعدائه وحقاده بالقيادة الرشيدة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الذي كان أول المعزين في استشهاد المقدم العمري هو وسمو نائبه وسمو النائب الثاني ، في موقف أثر كثيراً في أسرة الفقيد التي تلقت التعازي الشخصية من قبل سمو أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد وأمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان بالإضافة إلى التعازي من قبل سمو الأمير سلمان وسمو نائبه الأمير سطام ، تلك التعازي التي كان لها بالغ الأثر لدى كافة أفراد أسرتنا ولا أنس تعازي سمو الأمير سلطان بن فهد وسمو الأمير نواف بن فيصل لي شخصياً كونني من المنتسبين للوسط الرياضي كصحفي رياضي في الجريدة العملاقة "الرياض"، تلك الجريدة التي بادرت بتقديم التعزية لي ولوالدي وكافة إخواني وأبناء الفقيد في موقف ليس بالغريب على رائدة الصحف، كانت التعازي من كافة القبائل والمناطق والجنسيات والمجتمعات الرياضية والعسكرية والإعلامية هي المخفف لمصابنا الجلل في فقيدنا الذي غاب عنا بجسده ولكنه باق بسيرته العطرة وموقفه البطولي المشرف قبل وفاته. فهنيئاً له الشهادة وهنيئاً لنا الفخر بشهادته وهنيئاً للوطن بأبنائه المخلصين وهنيئاً للأبناء بالتفاف الحكومة والشعب معهم مهما كانت الطوائف والقبائل والمجتمعات. رحم الله الشهيد سعيد معتوق العمري وكافة الشهداء في تلك الحرب التي كسبها الوطن ضد الخونة والعملاء الغادرين . *صحفي بالقسم الرياضي بجريدة الرياض