أعدت وزارة التنمية الجهوية "كتاباً ابيض" هو عبارة عن وثيقة تتضمن ملامح استراتيجية وطنية للنهوض بالتنمية في مختلف جهات البلاد التونسية تتكون من 46 مقترحا أعدتها وزارة التنمية الجهوية الموقتة بالتعاون مع عدد من الخبراء والجامعيين ستوضع تحت تصرف الحكومة المقبلة التي سيتم تشكيلها بعد انتخابات المجلس التأسيسي. وبيّن عبد الرزاق الزواري وزير التنمية في حكومة قائد السبسي أنه عند تسلمه لمهامه على رأس هذه الوزارة في شهر مارس الماضي بعد الثورة تلقى صدمة كبيرة باكتشافه لواقع مغاير تماما لما كانت تقدمه السلطة الرسمية سابقا و"خاصة في ما يتعلق بالفوراق التنموية بين الجهات. وأضاف انه عاين في زياراته الميدانية لبعض الجهات (القصرين وسيدي بوزيد) حقيقة معاناة الجهات المحرومة واكتشف وجود تفاوت مجحف في التنمية بين الجهات. وأنه تعرف على وجه اخر لتونس المحرومة، معتبرا ذلك غير معقول ولا يمكن القبول به بعد 50 سنة من الاستقلال. وقال الزواري ان من ابرز محاور الإستراتيجية الوطنية للتنمية الجهوية التي تضمنها "الكتاب الأبيض" تقليص الفوارق بين الجهات وإرساء تنمية أكثر عدلا، مشيرا إلى ان نجاح هذه الإستراتيجية لا يمكن أن يتحقق إلا بانجاز أربعة أهداف كبرى هي التماسك والنجاعة والتنافسية والديمقراطية المحلية. ويقترح الكتاب الأبيض في مجال دعم "التماسك" الجهوي، مخططا على غرار مخطط "مارشال" للنهوض بالجهات من خلال إحداث تجانس وتناغم بين جميع الجهات في مجال البنية التحتية الأساسية وعلى مستوى توفير الخدمات. وأوضح عبد الرزاق الزواري أن تقسيم تونس ترابيا الى ولايات عديدة، والذي كان يخضع في عهد بورقيبة الى اعتبارات سياسية وفي عهد بن علي الى اعتبارات أمنية، اثبت عدم جدواه وافرز مناطق متنافرة اقتصاديا. ويقترح الكتاب الأبيض لتحقيق "النجاعة" المطلوبة اعتماد تقسيم جديد للبلاد الى خمسة أو سبعة أقاليم تنموية على الأكثر تتعايش اقتصاديا وتتكامل في ما بينها وتكون قادرة على تحقيق تنمية ذاتية كفيلة بخلق فرص تشغيل إضافية. وأكد الوزير ان "نجاح الانتقال الديمقراطي لا يمكن ان يتحقق الا من خلال ترسيخ مقومات الديمقراطية المحلية"، مبرزا أهمية أن يكون الساهرون على تحقيق التنمية في الجهات منتخبين من قبل مواطني جهاتهم، وهو ما يمكن من تحقيق التصرف الرشيد في الموارد المرصودة للجهات ويتيح مراقبة ومحاسبة كل المسؤولين ويرسي نوعا من الثقة المفقودة بين المواطن والدولة.