ظهر «لورانس البالتوك» قبل سنوات كأول إنتاجات الإعلام السعودي الجديد, وكانت مقاطعه الصوتية التي انتشرت سريعاً عبر غرف البالتوك أو البلوتوث؛ سيئة في ألفاظها ومعانيها إلى الحد الذي جعل الكثير من السعوديين ينظرون إلى الإنترنت بشكل سلبي واعتبروها مصدراً قادماً للشرور. ولكن جميع هذه المخاوف تلاشت اليوم حتى «لورانس» نفسه لم يعد أحد يذكره الآن وكأنه لم يوجد أبداً. وسبب ذلك هو بروز عدد من البرامج «اليوتيوبية» الجديدة التي يقوم عليها شباب سعودي واعٍ ومثقف يقدم النقد الاجتماعي بمسئولية واحترافية, وقد تمكنت هذه البرامج من تكوين علاقة ثقة بينها وبين أفراد المجتمع بشكل غطى تماماً على كل السلبيات و»البذاءة» التي جاء بها نجم غرف البالتوك. لورانس التاسعة إلا ربع, بثارة, لا يكثر, إيش اللي, على الطاير وغيرها من البرامج, سجلت نجاحاً واسعاً وجماهيرية كبيرة بين السعوديين على موقع اليوتيوب, ومن دون أن تعتمد على الأسلوب «الفضائحي» الذي انتهجه «لورانس», بل اكتفت بمواكبة نبض الشارع وحِراكه ومتابعة همومه وقضاياه بإبداع وأدبٍ ومراعاة للذوق العام, وهذا هو أهم سبب لاحترام المجتمع لهؤلاء الشباب. لقد أثبتت هذه البرامج أن وجود الجيد يزيح السيء تلقائياً, فشباب مبدعون مثل فهد البتيري وعمر حسين وبدر صالح جعلونا ننسى «لورانس» تماماً, وأثبتوا أن الاستغلال الإيجابي للتقنية بإمكانه أن يفيد المجتمع وأن يحقق النجاح والنجومية لصاحبه. من يذكر «لورانس» الآن؟. لا أحد.. والدرس الذي يمكن أن نستفيده من ذلك هو أنه بدلاً من الانشغال بمحاربة السيء, فالأفضل هو الاهتمام بالجيّد ودعمه وإبرازه, لأن الجيد يمسح السيء تلقائياً كما مسح البتيري لورانس من ذاكرة السعوديين.