مع ايداع احد نجليه السجن في سوريا واختباء الاخر ادرك ابو محمد البالغ من العمر 45 عاما ويعمل صائغا ان الشرطة السرية التابعة للرئيس السوري بشار الاسد تتعقبه لذلك ودع زوجته قبل اسبوعين واغلق متجره وفر الى تركيا. وابو محمد مجرد واحد من آلاف السوريين الذين فروا عبر انحاء الحدود منذ بدأ الاسد حملة دموية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة قبل سبعة اشهر وقصته ليست فريدة. وقال ابو محمد "اتيت لانهم بدأوا يقتفون أثري" في اشارة الى قوات الامن السورية. واضاف "لم يتبق شبان في سوريا فهم إما في السجن او فروا الى دول اخرى. النساء والمسنون فقط هم من تبقوا في القرى." ويقول انه منذ ترك منزله في اللاذقية على الساحل الشمالي لسوريا قرب الحدود التركية لم يتحدث الى زوجته لان خطوط الهاتف مراقبة. وابنه البالغ من العمر 13 عاما مختبئ في مكان ما في سوريا. وقال ابو محمد انه لم يكن امامه من خيار سوى الفرار بعدما اعتقلت قوات الامن ابنه البالغ من العمر 16 عاما خلال احتجاج مناهض للحكومة وعذبته. واضاف ابو محمد "اخذوا طفلي ولم يسمح لي بزيارته إلا مرة واحدة. لم اتعرف على وجهه بسبب التعذيب. اضطررت للفرار الى تركيا." وبدت الكآبة على وجه ابو محمد لكنه كان حريصا على التخلص من همومه وهو يصف مشاهد قوات الأمن وهي تقتل الرجال والنساء رمياً بالرصاص في بلدته. وقال "رأيت بعيني رأسي امرأة تقتل بالرصاص بينما كانت تنشر الغسيل خارج نافذتها. لقد شاهدت اشخاصا يقتلون بالرصاص لدى خروجهم من المسجد بعد ادائهم الصلاة. "هؤلاء الاشخاص لم يكن معهم اسلحة وكانوا ابرياء تماما. الجنود السوريون دخلوا قرية بدباباتهم وبدأوا اطلاق النار دون سابق انذار." ويحتمي ابو محمد في احد المخيمات الحكومية الستة في اقليم هاتاي على الحدود السورية والذي يشترك سكانه في الروابط الثقافية والعرقية مع جيرانهم العرب. وتقول الحكومة التركية انه يوجد نحو 7600 سوري يعيشون في المخيمات حتى مطلع الاسبوع. ولا تشير تركيا اليهم على انهم لاجئون بل تصفهم "بالضيوف" قائلة ان بوسعهم المجيء والذهاب كما يشاؤون. وفي حين تحاول الحكومة ابعاد وسائل الاعلام عن المخيمات للحفاظ على امن السكان سمحت لرويترز بدخول نادر الى احد المخيمات الاسبوع الماضي. وينام الرجال والنساء والاطفال في المخيم الذي يؤوي نحو الف شخص في خيام نصبت داخل مبنى مهجور في حين تعمل الخيام المنصوبة خارجه كفصول دراسية مؤقتة. ويجري توفير التعليم من المستوى الابتدائي الى الثانوي. وداخل احد الفصول ردد الاطفال قائلين "مرحبا كيف حالكم" باللغة التركية التي تعلموها حديثا. واغلب المدرسين من المنطقة المحلية لأن كثيرا من سكان اقليم هاتاي الذي كان جزءا من سوريا في وقت من الاوقات يتحدثون كلا من التركية والعربية. لكن بينما يخرج الاطفال للعب في الفناء في الخارج متناسين فيما يبدو محنتهم يجلس الرجال على المقاعد في احباط وملل. واحضر ابو ماجد (46 عاما) اسرته بأكملها من جسر الشغور في شمال سوريا بعدما بدأت الشرطة التردد على منزله يوميا محذرة إياه من مغبة المشاركة في الاحتجاجات. وقال ابو ماجد "عندما بدأت الاحتجاجات كانوا يأتون الى منزلي كل يوم ويقولون 'اذا شاركت في هذه الاحتجاجات فسنودعك السجن'. فاض بي الكيل واتيت الى هنا. "الوضع في سوريا سيئ جدا.. بالامس كان الجيش يطلق النار عشوائيا على الناس." وابلغ ناشطون وشهود هذا الصيف عن قيام قوات الامن التي تستخدم قنابل الغاز المسيل للدموع وطائرات الهليكوبتر بإطلاق النار على الحشود في جسر الشغور وابلغت الاممالمتحدة عن عمليات اعتقال عشوائية في المنطقة. ووصل ابو سيف وهو طالب جامعي من اللاذقية عمره 24 عاما الى المخيم قبل نحو اربعة اشهر وناشد المجتمع الدولي بوقف العنف في بلاده. وقال "اتيت لان الاسد وانصاره يقتلون الجميع حتى الصبية والابقار والحمير. "يجب ألا يظل العالم صامتاً. القذافي فقد شرعيته في عيون المجتمع الدولي في 16 يوما لكن لم يحدث شيء بالنسبة للأسد بعد سبعة أشهر."