عندما يتمتع الشاعر بمصداقية وصف المعاناة وتقريب الصورة بشكل إبداعي للمتلقي فهو بهذه الحالة أفضل من يقدم صورة مقروءة للإحساس وفيض المشاعر وكأن حديثه أتى بما يطلبه المتلقي وبما يشبه معاناته ولذا تكون الشاعرية الصادقة الأكثر إيقاعاً في ركب الشاعر موضحة للشعور الصادق وتباريح الهوى والمعاناة. ويصل الشاعر عندما يتعمق في الشعور إلى درجة الإبداع وبالتالي الوصول إلى شعور وأحاسيس الآخرين.وليس للشاعر حيلة تجاه معاناته عندما ينقلب اللقاء إلى فراق أو المحبة إلى جفاء ونسيان إلا ندب الحبيب في لحظات ضعفه أمامه أو لحظات التذكر والفراق. أبيك تذكرني ليا رحت نسيان أني على عهدك صدوق النوايا ويلاحظ الكثير أن معظم أبيات الشعراء تسيطر عليها لحظات اللوعة ويستخدم في مفرداتها كلمات تعبر عن ما يكنه الشاعر في نفسه تجاه من يحب سواء في الوصف أو التعبير الداخلي للحظات الألم والتوجد. يقول بشارة الخوري : لوكنت تدرين ما ألقاه من شجن لكنت أرفق من آسى ومن صفا وبالتأكيد يأخذ الشاعر نصيب الأسد من التعبير عن الشعور فهل يعني ذلك أن له إحساس غير العاديين أم أن شاعريته تفرض عليه تلك الحال. يقول محمد بن محسن المقاطي : والشعر ما عاد يلقونه مظاريمه واليا لقي صار له جارح وطعاني ثلاثة أعوام وأنا روحي مسيمه أبكي على الشعر ما أحد فيه عزاني ويقول الشاعر غازي بن عون يصف حالة القلق التي تنتابه عندما ينغمس شعوره في مجريات الحدث : البارحة يوم المقر غاب حرفه علي من كربات الأيام كارب وعندما تأتي الصورة مطابقة لحقيقة الإحساس الداخلي فإن الوقع على المتلقي سيكون أكثر وكأنه حديث النفس التي تختلج متألمة بفقدان أو فراق أو لوعة في حبيب : منول لا لقاني لوح بكفه واليوم يرخي النظر لين يتعداني صور حقيقة لواقع استطاع الشاعر بما وهب أن يرسمها لوحة معبرة وصادقة : أرسلت لك قلبي على كف يمناي تفضلي يا أعز كل المخاليق