على الرغم من أن انتشار الجمعيات الخيرية في كافة أرجاء المملكة يعكس ما يتمتع به المجتمع من تكافل اجتماعي، وحب عمل الخير، والوقوف مع المحتاجين، إلاّ أن العمل الخيري لا يزال بحاجة إلى تنسيق بين الجهات المعنية؛ بهدف منع الازدواجية في العمل، وتحقيق الهدف المنشود، والوصول إلى آلية تضمن وصول المساعدات لجميع المستحقين. «الرياض» مع ختام أعمال «ندوة تنسيق العمل الخيري» في الرياض، أجرت تحقيقاً موسعاً عن وسائل تفعيل برامج وإجراءات تنسيق العمل الخيري في المملكة، واستطلعت آراء مسؤولين بارزين في مجال العمل الخيري، الذين يرون أهمية تنسيق هذا العمل ليؤتي ثماره كما يجب. وعي اجتماعي في البداية أكد «د.عبدالعزيز الخويطر» -وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء- على أن الجمعيات الخيرية مظهر حضاري لا يتوفر إلاّ في مجتمع يحب الخير ويسعى إليه ويبثه، بل ويوطد أركانه ويثبت أطنابه، مضيفاً أن الجمعيات الخيرية إذا عملت بالتنسيق فيما بينها، فإن ذلك يدل على الإحساس بالمسؤولية تجاه جانب من جوانب المجتمع المهمة، مشيراً إلى أنه كلما تنوعت الجمعيات الخيرية وزاد عددها وانتشرت في البيئات التي تحتاجها، دل ذلك على وعي اجتماعي متميز، موضحاً أن السعادة لا تتم إلاّ إذا عمت جميع الأطراف، وحمل القوي الضعيف، والغني الفقير، والقادر العاجز، ذاكراً أن المملكة التفتت إلى هذا الجانب وأعطته ما يستحقه من الرعاية، وما يحتاجه من عناية، حيث جاء هذا الوعي وهذه الالتفاتة عندما بدأ التحرك في المملكة نحو تطوير الجوانب المختلفة، ومنها تنسيق العمل الخيري. مطالب بتوحيد الجهود في مجالات الاستثمار وتلقي التبرعات وتقديم المساعدات ودراسة أوضاع المستفيدين عنصر مهم وأضاف «د.الخويطر»: «لعل أول الخير في هذا الجانب جمعية البر الرائدة، ولا غرو، فهي الجمعية البارزة في عاصمة المملكة، وهي التي حظيت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، الذي عرف بالتفاتاته لما يجعل الرياض عاصمة بحق في صورتها الفعلية، وفي اكتمال جوانب الخير في جنباتها»، مبيناً أن جمعية البر أصبحت قدوة للمدن الأخرى، والتي تتسابق اليوم لإنشاء جمعيات متعددة، حيث أوكل أمرها إلى أناس عرف عنهم حب الخير والسعي فيه، وهو ما أفاد أهل الخير والصدقات، فصاروا عن طريق الجمعيات يطمئنون إلى أن زكواتهم وصدقاتهم تذهب إلى المستحقين وتفك كرباتهم، بل وتقضي على الشدة في معيشتهم، ذاكراً أن الجمعيات أصبحت مظهراً مشعاً في بلادنا، وعنصراً مهماً لا يستغنى عنه، ولو أحصيت أعمالها لجاء مدهشاً ومشرفاً وداعياً على عدم الاستغناء عنه وعلى تعضيده، مشيراً إلى أن ما بداخلها ما يريح بال أصحاب الزكوات، الذين لا وسيلة عندهم تؤكد المستحق من غير المستحق، فهي تمتلك سجلات متقنة وضعت بعد دراسة دقيقة، ومتابعة متأنية عرّفت بالمحتاج للزكاة، مما يجعل مخرجها يطمئن إلى أنها سارت في الطريق الذي يرجو معه القبول. لا للازدواجية وقال صاحب السمو الأمير اللواء الركن د.بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود -مدير إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة ومشارك في مناسبات الأعمال الخيرية-: إن التنسيق في العمل يضمن الوصول بأعمال الخير إلى مستحقيها؛ لأن الازدواجية سوف تضيع الجهود المبذولة في هذا الخصوص، موضحاً أن الأعمال الخيرية جاءت في مقدمة اهتمام ديننا الإسلامي، حيث اعتنى بها عناية بالغة لما لها من أهداف غاية في الأهمية، كابتغاء مرضاة الله عز وجل ورجاء الثواب والأجر من الله دون النظر إلى المقابل المادي، ناهيك عن الاستقرار والبركة والحياة الطيبة والسعادة الروحية لدى من يعمل بتلك الأعمال، ثم إن انتشار الأعمال الخيرية بين الناس دليل على حب مساعدة المحتاجين وإغاثتهم، وهذه من الخصال الإسلامية المهمة والقيمة، كما أن العمل الخيري خصوصاً المنسق يحث عليه القرآن والسنة، لافتاً إلى أن الأوامر جاءت بالترغيب والمديح والثناء لعمل الخير والتنافس فيه سواء من الممول أو العامل عليه، من خلال حرص الإسلام في دفع المؤمنين للتسابق إلى عمل الخير، قال تعالى: «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون»، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»، وهذا دليل على عظمة العمل الخيري المنسق في الإسلام. اللواء ركن الأمير بندر بن عبدالله عمل مؤسسي وأكد الأستاذ «عبدالرحمن بن علي الجريسي» -رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض- على أن العمل الخيري يبقى المنسق لأحد أهم صور التراحم والتعاون التي كرسها الإسلام في شتى الصور، وحث عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، مضيفاً: «مع تطور المجتمعات تطورت آليات العمل الخيري سواء على مستوى التنظيم أو القنوات، وبلادنا ولله الحمد اهتمت بالعمل الخيري منذ بداياتها، حتى عهدنا الحاضر، واليوم بات عملاً مؤسسياً تعمل عليه عدة جهات، بل وتحرص على توجهه إلى مستحقيه، وقد شهد عهدنا الحاضر تقديم الدعم الكبير لهذه الجمعيات ضمن الأوامر الملكية الأخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين»، موضحاً أن اهتمام الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض بتنسيق العمل الخيري، دليل على اهتمام سموه وحرصه على تعزيز كل ما يدعمه، وهو بلا شك رجل يحمل في سجله صوراً معتمدة لأعمال الخير والبذل، مشيراً إلى أن من دلالات ذلك حينما أمر سموه بإنشاء جمعية تعنى بأعمال الخير بدلاً من الاحتفال بمرور خمسين عاماً على توليه إمارة الرياض، كما أن لسمو نائبه الأمير سطام بن عبدالعزيز جهوداً وأعمالاً خيرية تصب في خدمة العمل الخيري الإنساني، متطلعاً أن يتحقق ذلك من خلال الندوات التي تقام في هذا المجال، لتعزز من مفهوم العمل الخيري المنسق ودوره في المجتمع، مع إبراز أهمية توثيق العلاقة بين الجمعيات الخيرية وتحقيق الجودة الشاملة. د.عبدالعزيز الخويطر أثر التنسيق وشدد «د.علي بن محمد المرشد» -عضو مجلس إدارة جمعية البر بالرياض- على أهمية التنسيق في الأعمال الخيرية لإبراز مفهوم العمل الخيري ودوره في المجتمع، مع توثيق العلاقة بين الجمعيات الخيرية وتحقيق الجودة الشاملة في أعمال البر والأعمال الطيبة في مختلف تخصصاتها وأهدافها المفيدة، مضيفاً أن العمل الخيري الذي ينبثق من جمعية البر بالرياض وأعمال البر الأخرى في مختلف الجمعيات المنتشرة في منطقة الرياض وغيرها بسبب التنسيق فيما بينها، قد أصبح أثرها محموداً وخيراً في المساهمة في التخفيف من آلام وهموم المحتاجين والضعفاء والمساكين والأيتام، مشيراً إلى أن الجمعيات الخيرية في منطقة الرياض تدعم وبإشراف من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسمو نائبه الأمير سطام بن عبدالعزيز، وذلك بتنفيذ أنشطة نافعة وأعمال اجتماعية خيرة في مختلف المجالات التي يحتاج إليها كثير من الناس، ذاكراً أن عقد «ندوة تنسيق العمل الخيري» هو من أجل تحقيق هذه الأغراض النبيلة، إلى جانب تسليط الأضواء على الأعمال التي تعملها الجمعيات، وهو بلاشك جهد موفق ومبارك، سائلاً الله أن يجزي قادتنا كل خير. عبدالرحمن الجريسي إبراز المفاهيم وأكد «د.عبدالله بن عبدالرحمن آل بشر» -المشرف على المكتب التنفيذي للمجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية في منطقة الرياض- على أنه من خلال جلسات الندوة سوف يناقش تجربة مؤسسات خيرية تهتم في تنسيق العمل الخيري، مبيناً أن هذه الندوة تأتي وفق التوجيهات الكريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان وسمو نائبه الأمير سطام، اللذين يوجهان دائماً الاهتمام بكل ما يساهم في خدمة المحتاجين وتطوير العمل الخيري والاجتماعي، مثمناً رعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز لأعمال الندوة التي تمثل امتداداً لجهوده وتوجيهاته، والتي كان لها أكبر الأثر في تكوين المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية في منطقة الرياض، ليكون مظلة لتنسيق جهود الجمعيات الخيرية، وتفعيلها في خدمة المجتمع في مجالات العمل الخيري والتطوعي كافة، موضحاً أن ندوة «تنسيق العمل الخيري» تهدف إلى إبراز مفاهيم وتنسيق العمل الخيري وقيمته في المجتمع، إلى جانب توثيق العلاقة بين الجمعيات الخيرية والحفاظ على مكتسبات العمل الخيري، وكذلك تحقيق مفهوم الجودة الشاملة في مؤسسات العمل الخيري، بالإضافة إلى تشجيع الباحثين المختصين في مجال العمل الخيري لتقديم أطروحات وأفكار متطورة لتفعيل إسهامات العمل الخيري. د.علي المرشد تعزيز التواصل وأوضح «د.آل بشر» أن ندوة تنسيق العمل الخيري تمثل إحدى الفعاليات السنوية لتحقيق أهداف المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية، في منطقة الرياض والتي نصت عليها لائحة تكوينية، بناءً على توجيهات أمير منطقة الرياض، وصدور موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1430ه، مضيفاً أن المجلس التنسيقي الأعلى يهدف إلى تحقيق التنسيق بين الجمعيات الخيرية في المنطقة؛ لتلافي الازدواجية أو التعارض في الخدمات التي تقدمها، مع تعزيز التواصل والتعاون وتبادل الخبرات بين الجمعيات الخيرية، إلى جانب العمل على تذليل الصعوبات التي قد تواجهها، وتحديد النطاق الجغرافي بين الجمعيات الخيرية التي تتماثل في أهدافها وخدماتها وأنشطتها، بالإضافة إلى التشجيع على إقامة ودعم البرامج التدريبية والتأهيلية لتطوير قدرات العاملين بالجمعيات الخيرية، وإجراء البحوث والدراسات التي تسهم في تطوير أعمالها ورفع كفاءتها، وكذلك تنسيق الجهود والخدمات التي تقدمها الجمعيات الخيرية في حالات الطوارئ والكوارث، واقتراح وتبني الوسائل الاستثمارية لتنمية موارد الجمعيات، مع إيجاد مصادر تمويل مستمرة لأنشطتها، وتسهيل تبادل المعلومات بين الجمعيات من خلال آليات محددة، وكذلك تشجيع القطاع الخاص لدعم العمل الخيري في جميع مدن ومحافظات منطقة الرياض. د.عبدالله آل بشر جانب من مساعدات جمعية بر الرياض للمحتاجين في شهر رمضان الماضي