أحياناً كثيرة يفرض علينا وقعنا الحالي انتهاج التفكير خارج الصندوق، بمعنى عدم حصر تفكيرنا لما هو واقع أمامنا وحسب، وليس كما يطلب منا العمل في حدوده لدرجة التقليد والاقتداء والتبعية وغيرها من المصطلحات المتشابهة، ولعل كلامي هذا قد يستخدم كبداية للحديث عن أي موضوع قد نرى أنه جدير بالاهتمام، كالحديث عن صحة وعافية الأبدان والعناية بها قبل اهتمامنا بالماديات التكميلية للحياة البشرية. فمن خلال معايشة تطور الأنظمة الصحية في بلادنا نرى أن هناك توجهات كثيرة لتفعيل بعض البرامج والمشاريع التنموية وتطبيقها بما يتعلق بالمحافظة على صحة الأبدان من الأمراض والعاهات، بعضها نفذ مثل فحص ما قبل الزواج الذي وضع حماية للأجيال القادمة. وبحكم عملي في مركز متخصص بأمراض الكلى تمر علينا حالات كثيرة من مصابين بأمراض الكلى سواءً وصل بهم الحال إلى الفشل الكلوي الذي يتطلب إجراء الغسيل الدموي المتكرر، أو تسلق حبال طويلة أسمها زراعة الكلى، وللمعلومية هناك نوعان للفشل الكلوي الأول الفشل الكلوي الحاد الذي يحدث بشكل مفاجئ، والنوع الثاني الفشل الكلوي المزمن وهو ما أعني به الحديث هنا، حيث يحدث نتيجة عدة عوامل ومسببات صحية متراكمة ومزمنة أدت مع الوقت إلى تعطيل عمل الكليتين ومنها على سبيل المثال لا الحصر. فأنا لست بالطبيبة لكي أتعمق في الناحية الطبية مرض السكر والضغط والذئبة الحمراء والتهاب المسالك، وكان بالإمكان تجنب الإصابة بالفشل الكلوي بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى لو كان هناك مكافحة ووقاية من الأمراض التي ذكرناها، فمن هنا أتساءل اليس من الممكن تطبيق نظام الفحص الدوري للإنسان كما هو معمول به الآن من تطبيق الفحص الدوري للسيارات، وكما هو مطبق لدينا من أنظمة امنية تنتهجها وزارة الداخلية لحفظ أمن البلد ومواطنيه لإحقاق الحق والإنصاف كإيقاف الخدمات وتنفيذها لمن عليه مخالفة كالحق العام أو الخاص، ولا ننسى أيضاً الأنظمة الجديدة الخاصة بالتعليم التي يمكنني أن أطلق عليها عملية فحص عقول طالبي الإلتحاق بالجامعات، فلا يمكن قبول أي طالب أو طالبة للدراسة بالجامعة إلا بعد اداء امتحان القياس والقدرات. إذاً ما الذي يمنع من اشتراط تقديم شهادة صحية تفيد بإجراء الفحص الصحي الشامل لمن يرغب بالاستفادة من الخدمات الحكومية، سواءً عند الالتحاق بالمدارس أو الجامعات بالنسبة لطلاب أو لطالبي العمل بإحدى الجهات الحكومية، ويطبق على كلا الجنسين على حد سواء، ومن هنا يمكن اكتشاف كثير من مسببات الأمراض المزمنة وخاصة أمراض الفشل الكلوي والسرطانات حمانا الله وإياكم من شرها. ولا يعني هذا عدم قبول من يتم اكتشاف من لديه مرض ما، ولكن يستطيع بمشيئة الله العلم به والتعايش معه بطرق صحية تمنع تفاقم المشكلة وتشعبها إلى ما لا تحمد عقباه، فكم يحز في خاطري عندما أسأل أحد المرضى وبالأخص من فئة الشباب كيف تم اكتشاف اصابته بالفشل الكلوي فيجيب أنه أصيب به فجأة ومن دون مقدمات مع أن الحقيقة ليست كذلك، ولكنه الإهمال بعد قضاء الله وقدره، فأرجو من وزارة الصحة النظر بعين الاعتبار لهذا الجانب؛ تحقيقاً لخططها التنموية المواكبة للمشاريع التنوية الوطنية. * رئيسة قسم الخدمة الاجتماعية بمركز الأمير سلمان لأمراض الكلى