أصعب مشكلة في العملية التعليمية هي توصيل الطلبة - خاصة إذا كانوا صغارا - في غدوهم ورواحهم إلى المدرسة، ولو استعرضنا حوادث السيارات اللاتي راح ضحيتها أطفالا لوجدناها أكثر من الهم على القلب، ويكمن السبب الرئيسي في عدم وجود وسيلة آمنة وسليمة لنقلهم، فالسيارة وهي عادة اوتوبيس قديم، وغالبا ما يكون فيها عطل وخاصة في جهاز الفرامل، أما إذا كان الأتوبيس مخصصا لنقل الطالبات، فالسائق غالبا ما يكون طاعنا في السن رد فعله ضعيف إزاء الحوادث، وهذه الحالات كلها تقع تحت الإهمال الإجرامي أو القتل الخطأ، وحالة الطفلة رغدة التي تدرس في الصف الأول الابتدائي في مدينة سيهات ليست بفريدة أو مصادفة في هذا الصدد، بل هي ضحية للإهمال الإجرامي من السائق والمدرسة على حد سواء، فالسائق عند توصيلها هي وزميلاتها نسيها في الأتوبيس عند توصيلهن للمدرسة، ولم يكلف نفسه عناء البحث للتأكد من أن جميع الطالبات قد غادرن الأوتوبيس، وعند انتهاء الدوام المدرسي، ودخول الطالبات للأتوبيس بعد انتهاء اليوم الدراسي، وجدت الطفلة خولة ميتة نتيجة الحرارة والجوع والعطش، وفي العادة عندما تتغيب طفلة عن المدرسة، تقوم إدارة المدرسة بالاتصال بأهلها، والاستفسار عن سبب التغيب، إلا أنه في هذه الحالة لم يرد أي من أهل الطفلة على الهواتف المدونة لدى المدرسة، وتعاملت معها على أنها متغيبة، وهذه حقا مأساة.. وثمة سبب آخر لها غير إهمال السائق والمدرسة، وهو عدم السماح للأمهات بقيادة السيارات وتوصيلهن للمدارس، فعسى أن يكون في موت الطفلة خولة درس لنا، وعسى أن تكون المرة الأخيرة التي يسمح فيها لهذا الإهمال أن يحدث.