اتضح بعد التجربة الثانية للانتخابات البلدية في المملكة، أن التجربة الانتخابية لدينا مازالت ضعيفة تخطو الهوينا وتحتاج الكثير والكثير من العمل لتطويرها، ومع ذلك اعتقد أن التجربة الأولى أفضل من ثانيتها تسويقاً وتنظيمياً خصوصاً على مستوى المدن الصغيرة، إلا أن الطموح يحدونا بأن يوفق أعضاء المجالس البلدية في هذه التجربة الثانية لتغيير الصورة الماضية عن المجالس البلدية وأن يتاح لهم الفرصة للمشاركة في صنع القرار البلدي، ويمنحوا الصلاحيات التي تمكنهم من ذلك. ولقد تبين بعد الانتهاء من الجولة الانتخابية الثانية ضعف تسويق انتخابات المجالس البلدية وماتشكله من أهمية على مستوى مراقبة أعمال البلديات من إيرادات ومصروفات واقتراح مشاريع، مع إبراز أثرها الوطني وتأثيرها المديني على مستوى التنمية في المدن والمحافظات، على الرغم من تمديد الدورة الماضية لمدة سنتين لتطوير أنظمة المجالس البلدية ومعالجة أخطاء التجربة الأولى. كما عاب على هذه الجولة الانتخابية ضعف المساحة والمدة المعطاة للمرشحين للتعريف بأنفسهم وحملاتهم الانتخابية، علاوةً على ذلك تبين أن مهام عضو المجلس البلدي ونطاق عمله مازالت غير معروفة وغير واضحة بشكل كبير عند المواطنين وكذلك بعض المرشحين أنفسهم، فهناك من بالغ في الترويج لحملته الانتخابية وادعى أنه سيضع حلولاً لمشاكل متنوعة هي في الأساس خارج نطاق العمل البلدي، مما يستدعي وضع فترة تأهيلية لأعضاء المجالس وتدريبهم ومتابعة أعمالهم وتقييمها. من جانب آخر اعتقد أن ضعف الإقبال والمشاركة في هذه الدورة الانتخابية، جاء نتيجةً لعدم بلورة مفهوم الانتخابات البلدية لدى المواطنين بشكل جيد وعدم تحقيق التجربة الماضية من الانتخابات البلدية انجازات تذكر، فهي لم تُحدث تغييراً تنموياً على مستوى البلديات ولم تصل إلى مستوى طموحات المواطنين الذين كانوا يتوقعون الكثير منها. ومع ذلك كله أجد أنني شعر ببعض التفاؤل من حديث رئيس اللجنة العامة لانتخابات أعضاء المجالس البلدي من أن الوزارة قامت برفع نظام جديد للمجالس البلدية يجري الآن اعتماده، ويشمل عديدا من الصلاحيات للقيام بأعمال تنفيذية، وفي الحقيقة أتمنى فعلاً أن يقدم لنا أعضاء المجالس البلدية في هذه الدورة نتائج عملية تتحقق من خلالها المقاصد والأهداف التنموية التي ترتقي بالعمل البلدي. * متخصص في التخطيط العمراني