احتفى نادي الاستديو بالدمام بتجربة المخرج البحريني محمد راشد بوعلي من خلال عرض ثلاثية "العزلة" ضمن فعاليات النادي والتي أقيمت مساء الأربعاء في مركز الأمير محمد لتنمية الشباب وسط حضور عشاق الفنون البصرية والسينمائية. الليلة السينمائية بدأت بعرض ثلاثة أفلام للمخرج البحريني هي: "غياب" و"البشارة" و"كناري"؛ ليفتح باب الأسئلة والنقاش مع المخرج بسؤال لمدير الندوة المخرج عبدالله آل عياف: حول وجود ثيمة وفكرة "العزلة" التي جمعت الأفلام الثلاثة، علماً أن هذه الأفلام صورت في أوقات مختلفة ولم تكن الفكرة قد أعلنت منذ الفيلم الأول. المخرج بوعلي علق قائلاً: "عندما حصلت على سيناريو الفيلم الأول "غياب" لم يكن لدي اهتمام بالعمل حول فكرة العزلة أو الوحدة، إلا أنني فيما بعد وجدت أن ثمة تجاهلاً لكثير من حالات الوحدة التي نشاهدها لإنسان هذا الزمن". موضحاً أن تواصله مع فكرة "العزلة" وجد استحساناً كبيراً لدى الجمهور وهو ما دفعه لا شعورياً إلى تأكيد الفكرة من خلال فيلم "البشارة" الذي خلقت فيه أيضاً حالة الوحدة، رغم أن أسلوب السرد والتوجه مختلف إلا أن ثمة عنصر ربط بين فيلم "غياب" و"البشارة" وفق ما يشير المخرج بوعلي. أما في فيلم "كناري" والذي شارك ببطولته الفنان البحريني سعد البوعينين، "فإنني أحببت أن أواصل على هذه الفكرة لأني وجدت أنها ثيمة مهمة جداً وهي قضية يعاني منها كثيرون وليس كبار السن فقط كما في فيلم "كناري". أما حول النزعة الإنسانية في أفلامه فأشار المخرج البحريني إلى تأثر السينما الخليجية بشكل عام بالتجربة السينمائية الإيرانية، مضيفاً: "ربما تجد بعض التأثر في أفلامي بخطوط من تجربة المخرج الإيراني عباس كياروستامي". أما حول لجوء أفلام خليجية إلى النزعة الإنسانية ذاتها الموجودة في السينما الإيرانية، رأى المخرج البحريني: "ربما يعود إلى القرب وإلى وجود نفس الشروط الرقابية التي يضطر المخرج الإيراني أو الخليجي التهرب منها لاجئاً إلى الرمزية عبر الحكاية السينمائية ذات النزعة الإنسانية". ورداً على سؤال ل"الرياض" حول سبب ابتعاد فيلم كناري عن "التكنيك" السينمائي وقربه أكثر من أسلوب الإخراج التلفزيوني، إلى جانب طول مشهد "سعد البوعينين مع الكناري" في الفيلم والذي كان يفترض أن يُقطّع سينمائياً لكسر حالة الممل المحتملة؛ علق المخرج البحريني مؤكداً أنه أراد لأسلوب سرد الصورة أن يكون مختلفاً عن التجارب السابقة وأن يؤكد حالة الملل من خلال طول المشهد. مضيفاً: "كان لدي خمس قصص تسري في أقل من تسع دقائق ولكل شخصية مشهدين وحالة معينة". أما حول تقطيع المشهد، أجاب بوعلي: "لم أرد فعل ذلك"، مشيراً بالقول إلى أن لقطة "البوعينين" هذه، أثير جدل حولها في مهرجان الخليج السينمائي، بين مؤيد ومعارض لطول المشهد، مشيراً إلى أن "هناك من وجدها أسوأ لقطة في كل أعمالي وآخرون رأوا أنها أجمل لقطة في كل أعمالي"، معترفاً بأنها لقطة طويلة ولكن فيها تكثيف لكل مشاهد الفيلم. مضيفاً: "استطعت من خلال هذا المشهد أن أوصل للمتلقي حالة الملل والوحدة.. الخ، بشكل تشعر به أنت كما يشعر به هذا الرجل الذي يعيش حالة العزلة، من هنا لا داعي لأن أكرر هذه الحالة مع الشخصيات الخمسة المشاركة في الفيلم ويكفي أن أعبر عنها من خلال مشهد واحد لحالة واحدة". وحول فيلم "البشارة" قال محمد راشد بوعلي: "حاولت أن تكون هويته بحرينية وأن يتواصل مع عموم الجمهور ضمن ذات النزعة الإنسانية التي التي سارت عليها أفلام ك "الغياب" و"الكناري". أما عن مشهد طيران الفراشة في فيلم "البشارة"، فيشير المخرج البحريني إلى أن له معنى خاصاً في المخيلة التراثية البحرينية؛ فإذا ظهرت فراشة في مجلس بيت شخص متوفى، فهذا يعني أن روح الشخص الغائب قد حلت ويطلب من الجميع عدم طردها وتركها تحلق في المكان بسلام، مضيفاً "هاي روح أمي أو أبوي يايه في المكان" كما يقال؛ مؤكداً على أهمية أن يستلهم الفيلم ذي النزعة الإنسانية، مشاهده من عمق التقاليد الاجتماعية الذي تنهض عليه الحكاية. وقال بوعلي إن فيلم "البشارة" مليء بالتفاصيل البحرينية من خلال العادات والتقاليد وحتى الموسيقى المستلهمة من بيئتنا البحرينية. مضيفاً: "نحن نفتخر بهويتنا ولا أريد لأفلامي الفخر بالهوية الغربية، لأن أغلب الناس في الخارج يريدون أن يروا هوية صاحب الفيلم وموسيقاه وفنونه وعاداته وتقاليده لا أن يقوم بتقليد الآخرين". يذكر أن المخرج البحريني قدم أول فيلم بعنوان "بينهم" عام 2007 وشارك فيلمه "غياب" في ثلاثين مهرجاناً حول العالم. وكان آخر فيلم أخرجه هو "كناري".