تظاهر أمس آلاف الأردنيين طالبوا برحيل الحكومة وحل البرلمان وتشكيل حكومة إصلاح وطني وإعادة النظر في التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرها النواب. وانطلقت مسيرة تحت عنوان "لن تخدعونا" من المسجد الحسيني وسط عمان وتجمع المشاركين فيها في ساحة النخيل، ونددوا "بالحماية الحكومية والنيابية للفساد، وبخاصة بعد إقرار مجلس النواب قبل أيام للمادة 23 من قانون مكافحة الفساد والتي فرضت غرامات مالية تصل إلى (86 ) ألف دولار على كل من لم يثبت تهمة الفساد على أي شخص متهم بها". واعتبر المشاركون في المسيرة ان اقرار المادة المذكورة "حماية للفساد وتكميما لأفواه الصحافيين الذين كشفوا العشرات من قضايا كان أبرزها قضية الكازينو التي واجهت رئيس الوزراء الحالي معروف البخيت". ورفع المتظاهرون لافتات تندد بالفساد، وقالوا في كلمات لهم إن "الفساد أصبح مستشري في البلاد"، مطالبين القيادة "بإنهاء هذا الوضع الخطير التي تمر به البلاد، بدءا بحل مجلس النواب وإقالة الحكومة ثم إجراء انتخابات بلدية وبرلمانية نزيهتين". وطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة ذات أغلبية نيابية وإعادة النظر بما أسموه "ترقيعات دستورية لم ترق إلى طموح الشعب الأردني"، وقالوا إن "الاصلاحات اعادت الشعب الأردني الى ستينيات القرن الماضي" ودللوا على ذلك "الى عدم الغاء محكمة أمن الدولة واستمرار محاكمة المدنيين أمامها". وطالب الحراك الشبابي والشعبي في محافظة الكرك (جنوب البلاد) رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت بضرورة مغادرة رئاسة الوزراء، ودعوا الى تكليف شخصية وطنية اردنية بتشكيل حكومة تصلح ما افسدت من قبل بعض الحكومات. وطالب الحراك اعضاء مجلس النواب بتقديم استقالتهم وإجراء انتخابات عامة ونزيهة وفق قانون انتخابات يلبي طموحات الشعب الاردني المنهك من الفساد والمفسدين. وقال ناصر الحباشنة المنسق في الحراك: "التعديلات الدستورية لم ترق للمستوى المأمول شعبيا ولم تحقق الهدف الذي طالب به الشعب في أن يكون الشعب مصدرا للسلطات ومقررا لشكلها وشخوصها"، موضحا أن التعديلات كرست مبدأ فردية القرار وابتعدت عن منطقية ملازمة المساءلة للمسؤولية". واضاف يقول: "الحكومة لم تظهر أي جدية في محاربة الفساد وهذا فتح ابواب الاستفهام عن هذا التهاون في محاربته". واشار الحباشنة الى ان مجلس النواب رد دين الفاسد للمفسد فجاءت المادة 23 من قانون مكافحة الفساد لتؤكد مرة أخرى ان الفساد يحمي الفساد ولا يجوز لاي مواطن ان يتجرأ على فاسد واتهامه وإلا فالإفلاس مصيره. وكان الحراك اصدر بيانا اكد فيه ان برنامج الاصلاح لم يأت بالجديد بل على العكس استمر وأكد تحصين نهج المتاجرة بالأردن ارضا ومقدرات وشعبا، وقد استمر حاميا وممارسا للفساد. وكان إقرار مجلس النواب الأردني أول من أمس للمادة 23 من قانون مكافحة الفساد أثار استياء منظمات المجتمع الأردني على اختلافها، ما دفع النقابات والأحزاب السياسية اعتبار المادة المقرة "حماية للفساد وتكميما للأفواه". ووجد الصحافيون الأردنيون أنفسهم أكثر المتضررين من المادة التي تنص على تغريم الكاتب أو الصحافي أو أي شخص آخر (60) ألف دينار (ما يعادل 86 ألف دولار) في حال "الإساءة لسمعة أي شخص أو المس بكرامته أو اغتيال شخصيته"، فوضع أعضاء مجلس نقابة الصحافيين استقالاتهم أمام الهيئة العامة للنقابة في حال اقر مجلس الأعيان القانون الثلاثاء المقبل. ويعارض نقيب الصحافيين طارق المومني وضع أي قيود على حرية الاعلام. ويقول إن "الاعلام هو الذي كشف عشرات القضايا من الفساد، وهذه الخطوة النيابية جاءت لتكميم الأفواه"، ويضيف أن "أي مجتمع لا يمتلك صحافة حرة لا يمكن محاربة الفساد فيه". وشدد على ضرورة تحصين الصحافة وحمايتها بدلا من استهدافها لأنها تعري الفاسدين أينما وجدوا، ويقول إن "من يمتلك الوثائق سيخاف أيضا أن يكتب عن الفساد فالغرامة عالية جدا". ولا ينكر المومني وجود خلل لدى بعض الاعلاميين لكن هذا الخلل لا يعمم ولا يجعل من الاستثناء هو القاعدة بحيث نظلم كل الصحافيين من اجل آخرين يعدون على اصابع اليد الواحدة، مضيفاً أن "المادة 23 نكسة في تاريخ الحريات والصحافة الأردنية".