عادت التظاهرات الكبيرة إلى شوارع العاصمة الأردنية امس حيث سيّرت الحركة الإسلامية وحلفاؤها في النقابات المهنية والعشائر مسيرة نوعية انطلقت من أمام المسجد الحسيني وصولاً إلى ساحة النخيل في رأس العين تحت شعار «لن تخدعونا»، شارك فيها عشرة آلاف شخص يمثلون «تجمع أبناء بني حسن وأبناء بني صخر»، و«تيار ال 36»، و«نقابيون من اجل الإصلاح»، و«التجمع الشعبي للإصلاح»، و«الحراك الشبابي الأردني»، و«التجمع الشبابي والشعبي الأردني». وطالب آلاف المتظاهرين في عموم الأردن بإسقاط الحكومة ومجلس النواب احتجاجاً على اقرار مجلس النواب قانون مكافحة الفساد الذي يضع قيوداً على حرية التعبير والرأي. ورفع المتظاهرون في عمان شعارات تطالب بحل مجلس النواب وهتفوا: «مجلس قانون الفساد لا يمثل هالبلاد»، و«الحكومة بتحمي الفساد ومش أمينة عالبلاد»، و«يا أبو حسين اسمع اسمع هالترقيع ما عاد ينفع»، و«الشعب يريد إصلاح النظام»، و«الشعب يريد إسقاط الحكومة»، و«الشعب يريد إسقاط البخيت»، و«الشعب يريد إسقاط النواب»، و«الشعب يريد حكومة منتخبة». واستنكر المعتصمون في عمان تصدير الزيتون والنخيل إلى إسرائيل، ووصفوا من اتخذ قرار التصدير بالعميل. كما رفضوا الدخول إلى ساحة النخيل بعد انتهاء مسيرتهم للاعتصام بها نظراً للطوق الأمني المحكم عليها، واكتفوا بالاعتصام في الشارع المقابل للساحة. ورافقت المسيرة حشود من رجال الشرطة الذين فصلوا بين مسيرة العارضة ومسيرة مناوئة لهم. وألقى نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي عدنان المجالي كلمة الحركة الإسلامية، مطالباً بإصلاحات حقيقية، وأن يصبح الشعب مصدر السلطات وبإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة. وطالب سالم الخوالدة باسم تجمع عشائر بني صخر وبني حسن العاهل الأردني بأن يقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن يستمع إلى صوت المعارضة ويحل مجلس النواب لإجراء انتخابات مبكرة، اضافة إلى تحييد الجهات التي ارتبط اسمها بالفساد واسقطا الترقيعات الدستورية وإعادة الممتلكات المسروقة ومحاكمة الفاسدين. وركز بقية المتحدثين على مطالب الملكية الدستورية ومحاسبة الفاسدين ووجود حكومة صاحبة قرار وإعطاء الشباب دوراً لبناء مستقبل البلاد. وفي منطقة حي الطفايلة الشعبي في عمان، رفع العشرات من أبناء الحي يافطات كتبت عليها أسماء مسؤولين نعتوهم بالفاسدين، وهتفوا ضد الحكومة والنواب بعدما وافق الأخير على اقرار المادة 23 من قانون «مكافحة الفساد»، والتي تحصن الفاسدين وتمنع الرأي العام من الحديث عنهم. ورفع المعتصمون العديد من اليافطات تأييداً لحرية الصحافة وعدم المس بها. وغرب عمان، خرج العشرات في مدينة السلط رافعين المطالب ذاتها والمتمثلة بإسقاط مجلس النواب ورحيل الحكومة ومحاكمة الفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة. أما جنوباً، فركز المشاركون في مسيرتين في الكرك والمزار الجنوبي على قانون مكافحة الفساد الذي اقره مجلس النواب قبيل فض الدورة الاستثنائية لمجلسهم، متهمين الحكومة باسترضاء من تستطيع من النواب واستمالتهم بشتى السبل ليشرّعوا للفساد وليحموا المفسدين، مطالبين برحيل الجانبين معاً. وأقيم اعتصام الكرك تحت شعار «حرمة المال العام»، وصدر عن المشاركين في الاعتصام بيان قال إن مشروع الإصلاح يجب أن يكون حقيقياً وشاملاً يؤكد حق الشعب في صنع قراره، مؤكداً استمرارية الحراك. ودعا البيان «شرفاء الوطن» إلى الوقوف في وجه الفساد ومشاريع الالتفاف على المطالب الإصلاحية، قائلاً: «اصبح من الضرورة أن نعرف أن مرحلتنا هذه ستكون فيصلاً في تحديد مستقبلنا، وعلى الجميع الاستفادة من هذه المرحلة بالشكل الذي يوصل إلى الأردن الأمن المستقر والمزدهر». وفي بلدة المزار، تجمع المعتصمون أمام مدخل مقام الصحابي جعفر بن أبي طالب تحت عنوان «لن تخدعونا». وتركزت هتافاتهم على المطالبة باستئصال الفساد واجتثات المفسدين ومساءلتهم عن الجرائم التي اقترفوها بحق الوطن. وصدر عن المعتصمين بيان اكد أن الحراك سيصل إلى تحقيق مطالبه بالوسائل المشروعة، مديناً تحالف السلطة ورأس المال الذي انتج الفساد والاستبداد وذهب بمقدرات الشعب. وهاجم البيان لجنة تعديلات الدستور واللجان الإصلاحية «التي رسمت لها الحدود والضوابط». كما هاجم البيان مجلس النواب مخاطباً إياهم بكلمة «لن تخدعونا بحركاتكم البهلوانية»، معتبراً انهم تجار وليست لديهم القدرة على اتخاذ القرارات إلا بما يخدم مصالحهم. وفي مدينة ذيبان الواقعة على بعد 65 كيلومتراً جنوب عمان، سار المئات في مسيرة انطلقت بعد صلاة الجمعة تحت شعار «حرمة المال العام» من أمام مسجد المدينة الرئيسي. وطالب المشاركون بمحاسبة الفاسدين ورفض تحصينهم ومكافحة الفساد ودعم حرية التعبير. وفي مدينة معان جنوب البلاد، وقف المئات من ائتلاف شباب الإصلاح والتغيير وجماعة «الإخوان المسلمين» وجمع غفير من أبناء وشيوخ معان وقوى سياسية مختلفة أمام مسجد معان الكبير بعد صلاة الجمعة، منددين بمجلس النواب الأردني، ومطالبين بإرادة شعبية لحل هذا المجلس المزور الذي اصبح يشرع قوانين لا تخدم مصلحة الوطن والمواطن، بل تخدم الفاسدين والمفسدين والمتطاولين على المال العام ومقدرات الوطن. وندد الناشط السياسي اكرم كريشان بإقرار نص المادة 23 من مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد، معتبراً انه «ضربة في الصميم لحرية الصحافة وحرية التعبير والرأي، ومخالفة أيضاً للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، خصوصاً في ما جاء به العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية الذي صادق عليه». وأصر المشاركون على متابعة الحراك الشعبي في مطالبه المشروعة من أجل إصلاح النظام وإسقاط معاهدة وادي عربة وطرد السفير الإسرائيلي من الأردن وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لحماية ما تبقى من ثروات الوطن وكرامة المواطن. وهتف المشاركون بإصلاح النظام وحل مجلس النواب ومحاربة الفاسدين ومحاكمتهم. وفي إربد شمالاً، نفذت الحركة الإسلامية مسيرة جماهيرية بعد صلاة الجمعة قوامها نحو ألفي متظاهر تنديداً واستنكاراً للتعديلات الدستورية، وطالبت بإسقاط مجلس الأمة. ورفع المشاركون الأعلام الأردنية ويافطات كاريكاتورية ساخرة تطالب برحيل الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان بعد التعديلات الأخيرة التي أقرها النواب في قانون مكافحة الفساد في محاولة لتكميم الأفواه والتضييق على الحريات العامة. وطالب المشاركون بمحاسبة كل من تثبت عليهم شبهات الفساد، بالإضافة إلى عدم التهاون مع كل من يستغل منصبه الرسمي في تحقيق غايات شخصية ومصالح خاصة لا تخدم العام. وأكد المشاركون عدم خوفهم مما قام به النواب من تعديلات، مؤكدين أنهم ماضون في الحراك غير معترفين بما سنّه مجلس النواب «المزور».