أكد الشيخ عبد العزيز بن علي بن نوح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على أنّ قرار خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المرأة في مجلس الشورى وفي المجالس البلدية جاء متوافقا ومتماشيا مع القواعد والمقاصد الشرعية المنطلقة من النصوص الشرعية في هذا السياق. وقال في تصريح ل"الرياض" إنّ هذه الشريعة العظيمة جاءت لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى وكان من ذلك أن جاءت هذه الشريعة الغراء لتحفظ حق المرأة وتعيد لها كرامتها وإنسانيتها فبعد أن كانت تباع وتشترى وتحرم من الإرث وتوأد في تصرفات جاهلية قائمة على الجهل والطغيان فجاءت هذه الشريعة الغراء برفع هذا الظلم عن المرأة وأعادت بجملة من أحكامها العزة والكرامة والصيانة للمرأة المسلمة ولهذا تضافرت النصوص الشرعية والتي تحفظ للمرأة كرامتها وعزتها وتصون عرضها وأخلاقها وتحميها من كل عابث أو متعد أو متجن من مثل قوله عليه السلام " استوصوا بالنساء خيرا " وقوله " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " إلى غير ذلك من النصوص العظيمة، وقد قدم النبي عليه السلام بعلاقته بزوجاته وبعائشة خاصة أنموذجا هائلا وفريدا للأسرة مما لا تستطيع القوانين الوضعية والنظريات الغربية أن تؤسسه أو أن تأتي بمثله حفظا لكرامة المرأة. وأضاف ويتضح من خطاب خادم الحرمين الشريفين مدى الحرص والمودة والرحمة والتي يكنها الراعي للرعية ومدى الحرص على كل ما من شأنه إيصال الخير والنفع والرقي لهم , من ذلك قوله حفظه الله "من حقكم علينا أن نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم " إلى غير ذلك من الإشارات والمضامين على هذا الحرص الكبير على الرعية ولا أرى أمرا ينطبق في هذه الحالة إلا قول النبي عليه السلام " خير أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم ". وقال ابن نوح : ويتضح من خلال كلمات خادم الحرمين وقراره بمشاركة المرأة في مجلس الشورى يتضح البعد التأصيلي والشرعي لهذه القضية , من ذلك الاستشهاد بحديث أم سلمة عندما أمر النبي عليه السلام الناس بأن يحلّو إحرامهم وكان الناس في أنفسهم شيء من ذلك خشية أن يكون النبي عليه السلام قد اضطر إلى قول ذلك , فأشارت أم سلمة رضي الله عنها على النبي عليه السلام بأن ينحر هديه ويحلق رأسه وأن يظهر هذا الفعل وأخذ النبي بمشورتها فعندما فعل النبي عليه السلام ذلك فعله الناس وتأسوا بالنبي عليه السلام لأن الفعل أبلغ وأقوى وهذا من الأدلة المهمة على الأخذ برأي المرأة الحصيفة المعروفة بالعقل والحكمة والديانة. وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بمشورتها أيضا في موضع آخر عندما نهى النبي عليه السلام عن صيام يوم عرفة لمن هم وقوف في عرفة وأراد النبي الرحمة بأمته فأشارت عليه أم سلمة وجاءت له بلبن فشرب أمام الناس فرآه الناس فلم يصوموا ,فهذا من الاستشهادات المهمة في هذه المسألة وقد تضافرت النصوص الشرعية في بيان أن النبي عليه السلام كان يستشير نساءه وأزواجه أمهات المؤمنين وقصصه ومواقفه مع عائشة كثيرة في هذا الجانب , وكان الصحابة يستشيرون عائشة رضي الله عنها في كثير من الأمور , والزركشي رحمه الله ألف كتابا في استدراكات عائشة على الصحابة , بل وبوب البخاري رحمه الله في صحيحه " باب مشورة النساء " وساق جملة من النصوص والتي تبين مكانة المرأة عبر التاريخ الإسلامي العريق ودورها في إبداء المشورة ومكانة مشورة المرأة والأخذ برأيها في الشأن العام وفيما يختص لبنات جنسها مادام أن الحكمة والعقل والشرع هو منطلق هذه المشورة وهذه المشاركة. وأبان "ابن نوح" ومن الإشارات في التأصيل الشرعي لكلمات خادم الحرمين الشريفين إشاراته حفظه الله إلى أن قراره هذا جاء بعد الأخذ برأي ومشورة علماء هذه البلاد المباركة والذين عرف عنهم الأخذ بكتاب الله وسنة نبيه وبالنظر إلى مقاصد الشرع في كل صغيرة وكبيرة فكان لمشورة خادم الحرمين الشريفين لعلمائنا الكبار في هذه المسألة خير أنموذج يقدم على تلاحم الولاة والعلماء على ما يرضي الله عز وجل مما يجعل مثل هذه القرارات قرارات قائمة ومنطلقة من دستور هذه البلاد وهو الكتاب والسنة ومراعية لمصالح العباد في دينهم ودنياهم كما دأب حكام هذه البلاد المباركة في كل شأن مرتبط بهذا الوطن العزيز , ومن الملامح في التأصيل الشرعي لكلمات خادم الحرمين الشريفين قوله " إن التحديث المتزن والمتفق مع قيمنا الإسلامية التي تصان فيها الحدود .." مما يوضح حرص خادم الحرمين الشريفين على تعميق هذه الشريعة الغراء في مجتمعنا وكيانه السياسي والاجتماعي.