في واحدة من مدارس البنين الخاصة في باكستان كانت المسرحية السنوية لهذا العام بعنوان «غوانتانامو» وهي عبارة عن دراما وثائقية قائمة على شهادات وافادات السجناء السابقين بمعسكر خليج غوانتانامو. وقام طلاب تراوحت أعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة بأداء شخصيات السجناء المحتجزين للاشتباه بهم. ولتعميق فهمهم للشخصيات التي يؤدونها عمد الطلاب إلى الإطلاع على الموضوعات التي نشرت في الصحف الباكستانية والصحف الدولية وتصفح مواقع الانترنت بما في ذلك موقع إسلامي غير طائفي لحقوق الإنسان باسم سجناء الأقفاص (cageprisoners.com). ولم يؤثر انتماء هؤلاء الطلاب- من غرامر سكوول، وهي اكاديمية راقية تبعث كثيرا من خريجيها لمواصلة دراستهم في الجامعات الأمريكية - لعالم يختلف تماماً عن ذلك العالم الذي عرفه معظم السجناء في خليج غوانتانامو. وقد احدثت قصص سوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء في معتقل غوانتانامو بما فيها موضوع تدنيس القرآن الكريم التي عادت مجلة النيوزويك للتراجع عنه ردة فعل واسعة في العالم واعطت فكرة عن العدالة والقوة الأمريكية وزرعت في النفوس بذور عدم الثقة في الولاياتالمتحدة. وكانت صور السجناء في الاقفاص وهم يرتدون ملابس السجن البرتقالية وجاثون على ركبهم على شاشات القنوات الفضائية ابلغ في التعبير عن حالة سوء المعاملة من كل القصص المنشورة. وبالنسبة للكثيرين من المسلمين يبرز معتقل غوانتانامو كتأكيد على عدم احترام الولاياتالمتحدة ونظرتها الدونية لهم. وبالنسبة للكثيرين من غير المسلمين وبغض النظر عن مشاعرهم تجاه الولاياتالمتحدة -يعتبر معسكر خليج غوانتانامو رمزاً للنفاق الأمريكي. ويقول داود كتاب مدير معهد الإعلام الحديث بجامعة القدسبرام الله بالضفة الغربية» الأقفاص والبدلات البرتقالية والأصفاد- كل ذلك يوحي لك بأنهم يتعاملون مع شيء مثل الجرثومة التي لا يريدون لمسها». ولم تنجح ردة فعل إدارة الرئيس بوش تجاه موضوع النيوزويك التي اقترنت بهجوم على المجلة في تهدئة مشاعر الكثير من المسلمين.وفي الهند التي تعتبر دولة علمانية بنص القانون والتي تشهد العلاقات بينها وبين الولاياتالمتحدة تقارباً حثيثاً ظهر كاريكاتير في صحيفة «ميد داي» الشعبية يوم الجمعة للعم سام المفزوع وهو يقوم بالتخلص من نسخ من النيوزويك في دورة المياه. وكان موضوع غوانتانامو مادة للنقاش في برامج التلفزيون الحوارية وفي دور العبادة وفي مجالس الناس العادية من بومباي إلى عمان بالاردن إلى لندن. وفي دول مثل افغانستان وبريطانيا وباكستان يعود السجناء المطلق سراحهم في الغالب ليحكوا عن تجاربهم في السجن في البرامج والمقابلات التلفزيونية التي تجرى معهم. وفي أوروبا أصبحت الاتهامات بإساءة المعاملة في غوانتانامو وكذلك الحرب في العراق رمزاً لما يراه الكثيرون بانحراف الولاياتالمتحدة الخطير عن المثل التي جعلت منها منارة أخلاقية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.وهنالك احساس مستمر بأن الولاياتالمتحدة تغيرت جوهرياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولكن ليس إلى الأفضل. وقالت صحيفة لو موند الفرنسية في مقال لها «الحقيقة البسيطة هي ان القادة الأمريكيين قد صنعوا في خليج غوانتانامو مسخاً قانونياً». وقال نجم سيثي رئيس تحرير صحيفة ذا ديلي تايمز الانجليزية في باكستان بأن اتهامات غوانتانامو ينظر إليها في بلده باكستان ك «دليل آخر» على نفاق ومشاعر حكومة الولاياتالمتحدة العدائية ضد الإسلام والمسلمين. وأضاف بأن الاتهامات اعتبرت دليلا على كيفية جعل أمريكا والغرب للحرب على الإرهاب مرادفة للحرب على الإسلام. وأشار سيثي إلى ان الجميع ركزوا على تدنيس القرآن ومحاولات الإساءة لمشاعر المسلمين وان فحوى النقاش اتخذ أبعادا حضارية. وفي بريطانيا دخلت كلمة غوانتانامو القاموس السياسي مع كلمة قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان وسجن ابو غريب في بغداد كشعار للظلم الأمريكي وسوء المعاملة. وخلال ماراثون لندن في أبريل الماضي خاض أخصائي الأعصاب ديفيد نيكول السباق في بدلة برتقالية تعبيرا عن احتجاجه على احتجاز خمسة بريطانيين في غوانتانامو. وقال كريس مولين الوزير السابق بوزارة الخارجية البريطانية امام البرلمان البريطاني الأسبوع الماضي «كلنا ضد الإرهاب ولكننا غير ملزمين باغلاق اعيينا عن تجاوزات حلفائنا». ٭ (نيويورك تايمز)