أكتب مقالي الآن ولا علم لي بنتيجة مباراة الهلال والتعاون التي دارت رحاها البارحة، وأحسب ذلك في صالحي مهنياً حتى لا أقع تحت ضغوطات النتيجة؛ خصوصاً وأنني سأتناول الشأن الهلال بشيء من التشريح؛ عطفاً على المتغيرات التي تتم داخل الفريق (الأزرق) الذي يبدو أنه يسير في اتجاه لن يؤول به إلى النتيجة التي ترضي أنصاره. أعلم أن كتابةً من هذا النوع تعد مغامرة لأي كاتب؛ لأن ردّات الفعل الجماهيرية والإعلامية في وسطنا الرياضي والإعلامي تبنى غالباً على النتائج؛ لكنني أرفض مثل هذا التعاطي بأن أكون طبالاً عند الفوز، وندّاباً عند الهزائم، ولذلك فأنا أبني أرائي على قناعاتي ومواقفي تجاه الأحداث والقضايا، لا على ردود الأفعال التي تخلفها. ما حدث وما زال يحدث في بيت "الزعيم" من متغيرات يشي بأن الوضع لا يشجع على الاطمئنان بالمحافظة على المكتسبات التي تحققت محلياً، ولا يحرض على الرهان بحضور آسيوي مغاير ينتهي بالفريق هذه المرة إلى تحقيق اللقب الذي غاب عنه طويلاً، وإن حدث واستطاع الفريق أن يصحح مساره فسيكون ذلك على إثر معاناة. ليس محلياً، فالقلق لا يبدو كبيراً باعتبارات ضعف المنافسة والمنافسين، لكنه سيكون في أعلى مستوياته في الاستحقاق الآسيوي، وما أدراك ما الاستحقاق الآسيوي. الأمور لا تبدو مشجعة على التفاؤل ليس من الناحية الفنية وما صاحبها من متغيرات وحسب؛ بل حتى التعاطي الإعلامي يبعث على القلق، فالحديث عن حتمية الصبر على الفريق توحي أننا أمام فريق للتو قد وضع أقدامه بين الكبار، لا فريق يعد زعيم الكرة السعودية وسيدها بلا منازع. فنياً، لا يبدو الهلال ذلك الفريق المخيف الذي ظل يجهز على خصومه المحليين في السنوات الأربع الماضية حتى قبل أن تطأ أقدام لاعبيه الملعب، وتلك كانت ميزة ضاعفت من قوة الفريق الفنية، فالتغييرات المتسرعة، والغريبة، وغير المبررة تبريراً مقنعاً التي طالت الفريق أفقدته هيبته قبل أن تفقده انسجامه، بل إنها أفقدته قوتة قبل كل شيء، وهو ما يبدو أنه قد انعكس على طريقة تعاطي مسيريه الإعلامية. سامي الجابر أكثر من ظل يسرب القلق في نفوس جماهير الهلال، حتى وإن حاول حشر بعض العبارات كخط رجعة؛ ليس في تصريحاته التي أعقبت الخسارة من الشباب بل حتى في مؤتمره الصحفي وهو يتحدث عن ضعف الإعداد، والتأخر في التعاقد مع المدرب، وإصابة هرماش، وأمور أخرى رفض تفسيرها بالأعذار، وهي لم تكن غير ذلك. سامي قال بعد مباراة الشباب: "إننا لا نملك عصا سحرية لنغير بين يوم وليلة، ولذلك لا زلنا نعاني، وسنعاني في سبيل بناء فريق قوي، وأن ذلك يحتاج لوقت وصبر"، وقال أيضاً: "هذا ليس تبرير وإنما حقيقة، ومن أراد أن يفهم فليفهم، ومن لم يرد ذلك فلينتظر حتى نهاية المطاف، فالدوري سيحصل عليه صاحب النفس الطويل". وأقول له يا سامي: جماهير الهلال لا تسأل عن الدوري، وهو ليس هاجسها الأول، فالمنافسة عليه لا تبدو بتلك الصعوبة، وإنما تسأل عن البطولة الآسيوية والعبور لمونديال الأندية، فهو محككم الحقيقي كإدارة. فهل من جواب؟!