يأتي اليوم الوطني ليجدد في النفس مشاعر الاعتزاز بالمواطنة والفخر بالوطن، ويحرك الإحساس بقيمة الأمن الذي نعيشه والاستقرار الذي نتفيأ ظلاله، والرخاء الذي ننعم به، فهو يوم للذكرى والاعتبار وقراءة التاريخ ومحاورته، بل وتأمل الأحداث ومآلات الأمور، واستخلاص النتائج والدلالات التي تساعد على استشراف المستقبل، مع رسم خطوات الطريق نحو مواصلة البناء والتنمية والازدهار. ويأخذ اليوم الوطني في المملكة طابعاً خاصاً لأنه يرمز في مضمونه إلى وحدة الوطن الكبير، والتمام شمله وتماسك أركانه، ويدعونا إلى الالتفات قليلاً إلى مرحلة ما قبل الوحدة والتوحيد، تلك المرحلة التي كانت "نهباً" للتشتت والفرقة والضياع، بل ومرتعاً للفقر والجهل والمرض، ثم إمعان النظر في مراحل الوحدة وقيام الوطن على يد البطل المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله المخلصين، وما تطلب ذلك من ثمن غال وجهد ودم وعرق حتى قام الصرح وظهرت معالم الكيان الكبير في دولة قوية متماسكة تحكم بالشرع المطهر، وتسير بخطوات واثقة على طريق الحضارة والتقدم في كل ما يحقق لها الريادة، ولمواطنيها الأمن والرخاء والاستقرار، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - الذي واصل مسيرة البناء والتنمية وبخطوات سريعة تسابق الزمن، وبنظرة ثاقبة فاحصة للخيارات الانمائية والفرص الحضارية التي تحقق هدف الدولة نحو بناء الإنسان، وها هي الشواهد أمامنا واضحة جلية في جامعات شملت أرجاء البلاد وأخرى ذات طابع عالمي ومنهج فريد، وتطوير شامل للتعليم والمدارس ودور الصحة ومدن الاقتصاد والصناعة والطرق، وغيرها من العطاءات الشاملة في كل المجالات، فضلاً عن إشاعة عوامل التماسك والوئام في المجتمع من تسامح وتواصل وحوار، مع ما يواكب ذلك من دور عالمي رائد يتمثل في قيادة فكرة التواصل بين الحضارات والحوار بين الأديان، والاسهام الفاعل في تحقيق السلام ونشر مبادئ العدالة ودعم الجهود الدولية نحو خدمة قضايا الإنسانية في كل مكان. أما فيما يخدم الإسلام والمسلمين فإننا نتحدث عن إنجازات فريدة تسجل ب"أسطر من ذهب" في صفحات التاريخ، فالحرمان الشريفان والمشاعر المقدسة على سبيل المثال كانت تحت عنايته الخاصة - حفظه الله -، وتحققت في عهده أكبر توسعة في التاريخ من أجل تخفيف العناء على الحجاج والزوار المعتمرين، الذين قدروا هذه الانجازات العملاقة التي تحققت في وقت وجيز. ولاشك أننا حينما نتأمل ونقرأ التاريخ عبر نافذة يومنا الوطني، فإننا نحمد الله سبحانه تعالى على ما نحن فيه من نعمة ونسأل الله أن يديمها علينا، ونسأل الله أن يبارك جهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، وأن يديمهم عزاً للوطن، وذخراً للمواطن، وأن يعيننا جميعاً على القيام بواجباتنا نحو عبادته سبحانه وتعالى وشكره، والإسهام في خدمة وبناء الوطن.. * مدير عام الشؤون المالية والإدارية بالحرس الوطني