إنه بوعي صادق بشروط الاستخلاف قام هذا الكيان، وبإذن الله سوف يبقى.. معتمداً على بقاء شروط الاستخلاف التي قام عليها ولذا أثر عن الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - قوله (البيت السعودي بيت دعوة قبل أن يكون بيت ملك). خرج الفارس المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - حاملاً عقيدة كانت مصدر قوته، وهدف رسالته. خرج الفارس داعي وحدة، ومطبق نموذجها. هاتفاً: الله أكبر. نحن أمة واحدة. وهي العقيدة التي تُعلي «التوحيد» وتدعو «للوحدة»، بل لابد أن تؤدي إليها؛ فقطرات التوحيد لابد أن تتجمع فتحفر نهر الوحدة. منذ زمن والمطامع الدولية تبحث عن مصلحتها، مستخدمة ذكاءها وقوة أهلها، مستعينة في الوقت نفسه بقابلية عند الشعوب للاستعمار حينما تتخلَّى أمة الإسلام عن مصادر قوتها عقيدة وتاريخاً: عقيدة تطبقها، وتاريخاً تعتز به، ولغة تستخدمها في العلم والعمل، وقيماً تتمثل في سلوك حكوماتها وشعوبها. وقد كانت هذه الدول صاحبة هذه المطامع في سباق محموم للحصول على الخدمات، والمعادن، ومصادر الطاقة، والمواقع الاستراتيجية على محاور مختلفة، وكانت المصالح بينها متعارضة. ** ** ** ويجدر بنا - لتقدير «الزمان» و«المكان» وحقيقة «الدور» الذي نهض به الملك المؤسس عبدالعزيز - أن نتذكر الصورة القائمة في بداية القرن الرابع عشر؛ فقد كانت معظم الدول العربية والإسلامية - إن لم تكن جميعها - تحت سيطرة الاحتلال، وحيثما كان يتجه المرء ببصره وعقله - شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً، كانت تصدم رؤيته أعلام أجنبية.. وهكذا فإن الماضي حينما تجتمع له عناصر القوة في مولده: دعوة حق، وقوة دعوة، واستبصار عصر، ومسايرته بعلم. تأتي فتوة المولد، وجدارة الحاضر. وبإذن منه سبحانه وتعالى كان الانطلاق للمستقبل. لذا - وكما يقال - فإن المقادير تعهد لرجال - لا يتكررون بسهولة - بتأسيس دولة وإقامة نظام. وبإرادة خاصة، وفي زمان يسمى زمانا استثنائياً أو منعطفاً تاريخياً، وبالتفاعل بين الزمان والمكان والإنسان قام - كما شهدنا - بنيان فريد. يقوم على «توحيد» و«وحدة» و«علم»: هذه ثلاثية تتناول الماضي «تاريخاً»، وتحيي «الحاضر» واقعاً، وتحمي المستقبل بحكمتها استمرار نهضة وتطور. * «توحيد» يخلِّص من الشوائب سواء تمثلت في عبادة، أو مال، أو علم، أو سلطة أو هوى. * و«وحدة» يدعو لها التوحيد ويمدُّها بقوته، مرهباً ومهدداً لدعاة التفتت أو التشرذم بالزوال والسقوط (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) «الأنفال: 46». * و«علم» يحث عليه «تسخير» مقرَّر، وإعمار مقصود.. وبهما تعلو كلمة الله، فإذا ضاع العلم وهان هانت شعوب، وضاعت عقيدة وأرض. «توحيد» يدرك به الإنسان حقيقة كل قوة؛ فلا يتهيب - مهما قل فرسانه أو نقص عتاده - أن يقول لأي قوة غاشمة جاهلة بقوانين الله في كونه: أنتِ زائلة! أنتِ آفلة، والله هو الحق، وسوف يتغلب عليك كل ذي حق، غلبة مشروطة بامتلاك بصيرة نفّاذة تدرك سنن الله وقوانينه في الأشياء والناس والمجتمعات. ** ** ** ويتتبع الواعي حركة صعود الدول وسقوطها، وقيامها، وتفتتها ببصيرة تدرك أن القوة لو دامت لأمة عظيمة واحدة ما تعاقبت الدول والامبراطوريات، ولجاءت نهاية التاريخ، ورفعت أقلامه، وجفّت صحفه. ولكنها الأيام يداولها الله بين الناس. ومن سرّه زمن قد تسوؤه أزمان.. * وكما يسري قانون التداول الإلهي: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) «آل عمران: 140»، فإن قانون النصر الإلهي لا يتخلف: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) «محمد: 7». (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) (النور: 55). كيف؟ (كما استخلف الذين من قبلكم). إنه بوعي صادق بشروط الاستخلاف قام هذا الكيان، وبإذن الله سوف يبقى.. معتمداً على بقاء شروط الاستخلاف التي قام عليها. ولذا أثر عن الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - قوله (البيت السعودي بيت دعوة قبل أن يكون بيت ملك). وهذه المقولة ستبقى شعاراً كما كانت تمثل حقيقة تاريخية - وهي الآن جوهر قوة.. ومدد بقاء. ** ** ** هذا الشعار قد أمد الدولة في البداية بفتوة المولد.. وهو ضامن لها بقاء المسيرة والاستمرار - بإذن الله - شريطة أن يكون ذلك بوعي بحقائق العصر، والأخذ بجوهر الدين الإسلامي العظيم وقيمه الخالدة، المسايرة لكل عصر وتطور، والتي لو طبقت على الوجه الأكمل لأصبح مستقبلنا أفضل بكثير من حاضرنا، وذلك يتحقق بالحماسة والايمان المتمثل في إعداد بناء الإنسان في البيت، والمسجد، والمدرسة، والجامعة ومن خلال إعلام متميز. كل هذه العناصر تمكن علاقات المجتمع بعضه ببعض في اليسر والعسر، وتشده على التكامل والتآزر، والمسارعة لخدمة الأهداف العليا النبيلة للمجتمع. وهذه الأيام هي مناسبة وطنية عزيزة تطل علينا، وكلنا مدعوون لإعطاء هذه المناسبة حقها.. ليس بالاحتفالات. لكن بالبذل، والعطاء، والتوحيد، والتضامن في صد كل من يحاولون الاقتراب من ثلاثية بناء هذا الوطن المجيد التالد. ** ** ** وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد. ***************************** إنه بوعي صادق بشروط الاستخلاف قام هذا الكيان، وبإذن الله سوف يبقى.. معتمداً على بقاء شروط الاستخلاف التي قام عليها. ولذا أثر عن الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - قوله (البيت السعودي بيت دعوة قبل أن يكون بيت ملك).