يتساءل البعض هل من سوء حظ الهلال مواجهته للشباب في الجولة الثانية من مشوار الدوري، أم من حسن حظه. للوهلة الأولى يبدو الأمر في غير صالحه حتماً؛ خصوصاً وهو يخسر ثلاث نقاط مهمة قبل أن يتمّ جملة "يا فتّاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم"، وهو الذي ما خسر مثلها طوال 26 جولة في الموسم الماضي. لا شك أن للخسارة من الشباب وقعها؛ خصوصاً من جهة عدم قبول الشارع الهلالي بمبدأ الخسارة؛ لكن من يتابع ردة فعل جماهير "الزعيم" يدهش؛ إذ كان من المتوقع أن تكون ردة الفعل عنيفة. بيد أن ما حدث كان العكس تماماً، فثمة حالة تماهي مع الرؤية الإدارية تصل حد التطابق. يقول سامي الجابر في تصريحه بعد المباراة إن الفريق وقع في أخطاء فردية كثيرة، وأضاع فرصاً سانحة، وأنهم كجهاز فني يرون ذلك أمراً طبيعياً؛ إذ الفريق بحاجة لوقت كي ينسجم، ويضيف: "في النهاية لن يحقق الدوري إلا صاحب النفس الطويل، ومن لم يقتنع بهذا الحديث عليه أن ينتظر حتى نهاية الموسم". سامي لم يقل ذلك سعياً منه لامتصاص حالة الغضب التي قد تجتاح البيت الهلالي، ونحن لم نعهده يوماً قد استخدم علاقته الحميمة بالجماهير الهلالية كإسفنجة لامتصاص غضبها، وما أحسبه سيفعل ذلك يوماً، وإنما قال ما قال تشخيصاً للواقع، ورؤية للمستقبل؛ لكن سامي لم يقل أنهم في إدارة النادي قد وقعوا في أخطاء استراتيجية، هي التي تسببت في تلك الأخطاء الفردية والتكتيكية، ولا أحسبه سيقول ذلك. الخطأ الاستراتيجي كان بتغيير أكثر من نصف الفريق، ويزيد عليهم المدرب، فبالإضافة إلى تغيير كالديرون بقرار الإقالة نهاية الموسم الماضي، تغيّر الرباعي الأجنبي، بالإضافة إلى رحيل ياسر القحطاني وخالد عزيز وسلطان البرقان، وإصابة الغنام، ويكفي ما حل بمركز المحور الذي يعد صمام الأمان، فلا أحد من لاعبي المواسم الماضية موجود الآن. أعرف أن بعض ما حدث خارج عن الإرادة، وبعضه كان رهن المفاجأة وخارج التوقعات؛ لكن هنا يأتي دور الإداري الناجح الذي يستطيع تصور كل الاحتمالات، ويؤسس لبدائل لها، قبل أن يدهمه الوقت، ولذلك فما كان ينبغي أن يظهر الهلال بهذا "اللوك"، ليس في مباراة الشباب المكتمل عناصرياً، والجاهز فنياً، بل حتى في مواجهة هجر حيث ركض اللاعبون بلا هوية. شخصياً، أشاطر سامي الجابر بأن الهلال بحاجة لمزيد من الوقت؛ ولكن هل سيتركه الخصوم يرتب أوراقه على حسابهم، أشك في ذلك. حتى أنه يخشى عليه الآن من التعاون الذي يتربص به في بريدة، وقبل ذلك تأتي الخشية عليه من مدربه توماس دول، الذي لا يبدو أنه قادر على إقناع الجماهير الهلالية كما فعل أسلافه؛ وخصوصاً كوزمين، وغيريتس، وحتى كالديرون كذلك. مواجهة التعاون – في اعتقادي- ستكون أصعب مواجهة للفريق في الدوري، فهي بمثابة منعطف خطر جداً، بل هي اختبار حاسم للفريق، وللمدرب، وللإدارة، وللجماهير أيضاً، وهي التي ستحدد ما إذا كانت الخسارة من الشباب بمثابة الضارة النافعة، أم الضارة القاصمة، وإن غداً لناظره قريب!.