مساهمة القطاع الخاص في تحقيق " التنمية الإقليمية المتوازنة " هدف تكرر في خطط التنمية منذ أربعين سنة ، ولكنه للأسف لم يتحقق على أرض الواقع ، نتيجة لتقاعس العديد من الجهات ، ويتضح من خلال عدم وضع برامج عملية وتفصيلية لتحقيق الأهداف العامة بتناغم تام بين كافة الجهات الحكومية ، وتخصيص الميزانيات اللازمة ، ومن ثم قياس النتائج في نهاية كل خطة ، وتحديد سبب عدم بلوغ الهدف . كما يعيق بلوغ الهدف الوطني المشار له تعقيد بعض الجهات إجراءات التراخيص ، بدلا عن منح كل من يريد إقامة مشاريع متميزة في المدن والمناطق الأقل نموا كافة التسهيلات ، مع معاقبة أي موظف يعيق إقامة مثل هذه المشاريع . ولتحقيق هذا الهدف وافق مجلس الوزراء الموقر الاثنين الماضي على تعديل مهم ومتميز لنظام صندوق التنمية الصناعية ، بحيث يقوم الصندوق بتمويل المشاريع في المناطق أو المدن الأقل نمواً بنسبة "75 في المئة " " من حجم التمويل المطلوب للمشروع ، وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى يحتاج حزمة من القرارات المدروسة والجريئة والإجراءات العملية المصاحبة ومنها على سبيل المثال إن أردنا توجيه النشاط الصناعي للمناطق الأقل نموا وقف منح تراخيص صناعية جديدة في المدن الكبرى ( الرياضوجدة تحديدا ) وحل الإشكاليات المتعلقة بالبنية التحتية في بعض المناطق وبخاصة المتعلقة بالنقل والإشكاليات المتعلقة بضعف تأهيل الموارد البشرية وغير ذلك من معوقات . وأرى من الضروري في هذا الوقت " الذهبي " للاقتصاد السعودي وتوفر سيولة عالية لدى الدولة ، وقد اقتربت موجودات مؤسسة النقد من حوالي تريليوني ريال ، أن تقوم وزارة المالية و "أذرعها" الطويلة بتشجيع القطاع الخاص " عملياً " على التوجه إلى المناطق والمدن الأقل نموا ، وذلك من خلال التوسع في دخول الدولة عبر تلك الأذرع في شركات مساهمة جديدة لإقامة مشاريع تنمي هذه المدن والمناطق ، بحيث تمتلك الدولة نسباً معينة منها ، أو الدخول في المشاريع المجدية المقامة حاليا في تلك المناطق بحيث تتوسع في أنشطتها . ومثل هذا الخطوة سوف تحقق العديد من الأهداف الوطنية الإستراتيجية منها تنمية المناطق الأقل نموا، ومنها تحقيق عوائد مرتفعة للدولة على المدى البعيد وأعلى بكثير من عوائد الودائع في البنوك الخارجية ، وبالتالي تخفيف الاعتماد مستقبلا على النفط ، وقد تناولت هذا الجانب سابقا في هذه الزاوية تحت عنوان " متى تمول عوائد استثمارات الدولة الميزانية".