اعتبرت حركة (فتح) رفض حركة (حماس) لقرارات المحاكم الفلسطينية الخاصة بإلغاء الانتخابات البلدية الثانية في بعض مراكز ومحطات الاقتراع يضر بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن مثل هذه المواقف من شأنها إضعاف الثقة في أحكام المحاكم، ويعطي انطباعا سلبيا عن القضاء الفلسطيني أمام العالم، مؤكدة أيضا احترامها لقرارات المحاكم الفلسطينية رغم أنها طالبت بإلغاء كلي للانتخابات. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته حركة (فتح) بمدينة غزة، تحدث خلاله عبدالله الإفرنجي رئيس مكتب التعبئة والتنظيم بحركة (فتح) والمحامي علي النعوق والمحامي أحمد المغني، وحضره حشد من مراسلي وسائل الإعلام المختلفة. سياسة مبرمجة واتهم الإفرنجي (حماس) بانتهاج سياسة مبرمجة لاتهام السلطة بالفساد والتطاول عليها - على حد قوله -، وأضاف «هناك سياسة مبرمجة من قبل الأخوة في (حماس) ليس فقط منذ يوم 5-5 وإنما منذ ما يزيد على عدة أشهر، سياسة مبرمجة بشكل كبير جدا للشتم المستمر للسلطة ابتداء من الفساد الذي يعم كل مؤسسات السلطة وانتهاء بالخط السياسي، وكل هذا يأتي بشكل مبرمج ». وتابع يقول » نحن لا نريد صداماً فلسطينياً ولا نقبل بذلك، ونأمل بالفعل أن يجدوا الوقت لكي يتحاوروا معنا، نحن كل حوارنا الآن انقطع لأن الأخوة في حركة (حماس) قرروا التوجه إلى الإعلام »، مرجعا حالة التوتر والاحتقان بين الحركتين إلى ما سماه قناعة لدى الدكتور محمود الزهار بأن حركة (فتح) ضعيفة والسلطة مهتزة، وأنه آن الآوان لتغيير السلطة. وأوضح الإفرنجي أن حركته لا تمانع مشاركة أطراف عربية وإسلامية في الإشراف على الانتخابات الفلسطينية، وقال » نريد إذا أراد الأخوة في (حماس) أن تأتي لجنة دولية كي تشرف على كافة صناديق الانتخابات، فلتأت لجنة من الجامعة العربية أو من المؤتمر الإسلامي، أو من أي جهة يريدون ». اجتماع للجنة المركزية وبالنسبة لتأثير حالة التوتر بين (فتح) و(حماس) على الانتخابات التشريعية والبلدية المتبقية، قال المسؤول الفتحاوي «نحن حتى هذه اللحظة نعمل على الاستعداد الكامل لانتخابات المجلس التشريعي ولاستكمال الانتخابات الأخرى، وأيضا للتحضير للمؤتمر السادس لحركة فتح، وسوف يتم عقد مؤتمر للجنة المركزية بكامل أعضائها في الداخل والخارج في يوم 30-5-2005، وسيكون على أرض إحدى الدول المجاورة ». وأشار الإفرنجي إلى أن التهدئة قرار جميع الفصائل الفلسطينية، وليس قرار فصيل محدد، ومضى يقول «منذ تم الاتفاق بين الفصائل على التهدئة والطرف الذي لا يريد تهدئة هو الطرف الإسرائيلي، أي بمعني أخر التهدئة هي مصلحة فلسطينية، والأخوة في (حماس) شاركوا في هذه التهدئة ومازلوا ملتزمين بها حتى هذه اللحظة، ويريدون استمرارها لأنهم مقتنعون بها ولأنها من مصلحتهم». وأكمل قائلا » التهدئة من مصلحتنا كفلسطينيين ومن مصلحة المحيط العربي، ومن مصلحة كافة دول العالم لأن التهدئة ضرورية جدا لكي لا نجعل التيار المتطرف الإسرائيلي الذي يريد أن يعيدنا إلى مربع الصدام العسكري لأنه فيه هو الأقوى ». وكان الإفرنجي أكد في وقت سابق أن حركته تدين وتستنكر بشدة التصريحات التي جاءت على لسان القيادي في حركة (حماس) محمود الزهار في أعقاب صدور قرارات المحاكم لإلغاء بعض النتائج في الدوائر الانتخابية (رفح - بيت لاهيا - البريج)، معتبرا أن رفض حركة (حماس) لقرارات المحاكم ينطوي على خطورة بالغة تمس بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، واتهامها لجهاز القضاء والتشكيك في نزاهته يمس هذا الجهاز الذي يعمل في ظل قانون السلطة القضائية ويقوض ثقة الجمهور به ويضعف الثقة في أحكام المحاكم، ويعطي انطباعا سلبيا عن القضاء الفلسطيني أمام العالم في الوقت الذي تثبت فيه السلطة الفلسطينية أنها عاقدة العزم على تكريس مبدأ الفصل بين السلطات وإرساء مبدأ سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. وقال الإفرنجي: «لقد توجهت حركة (فتح) للقضاء للنظر في مدى مصداقية ونزاهة سير العملية الانتخابية في الدوائر الانتخابية موضع الطعن وقدمت الأدلة الدامغة للمحاكم على انه قد جرت خروقات لقانون الانتخابات وقد استمعت المحاكم في جلسات علنية لأقوال الشهود التي قدمت من الطرفين وقامت بفتح بعض الصناديق في بعض المحاكم بحضور ممثلين عن حركة (حماس) والمحامين والمراقبين وتبين ان الصناديق التي ألغيت نتائج الانتخابات فيها كانت غير متطابقة مع التقارير التي اعتمدتها اللجنة العليا للانتخابات وتم إعلان النتائج بناء عليه ولم يكن أمام المحاكم من سبيل إلا إلغاء النتائج المترتبة على هذه الأخطاء وإعادة الانتخابات فيها. وأكد الإفرنجي أن حركة (فتح) ومن خلال الأدلة الدامغة التي قدمتها استطاعت إثبات جميع ما تم الادعاء به في لوائح الطعن على الرغم من ان المحاكم لم تستجب لطلب الحركة بإلغاء كافة نتائج الانتخابات، حيث ان ما وجدناه كان كافيا لإعادة الانتخابات برمتها، إلا أنها اكتفت وقبلت بإلغاء جزئي للنتائج مقدرة ومثمنة نزاهة القضاء الفلسطيني المستقل. وشدد الإفرنجي على أن حركة (فتح) لم تفكر ولو للحظة واحدة في المس بسلطة القضاء والتشكيك في حياديته ونزاهته لما ينطوي على هذا الأمر من خطورة، مشيرا إلى ان حركة (فتح) لن تسمح أبد بالمساس بإنجازات الشعب الفلسطيني الدستورية أو التشكيك بمؤسساته الوطنية. وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضت الاعتراف بالقرارات الصادرة عن المحاكم بشأن انتخابات الجولة الثانية في البلديات في قطاع غزة. وقالت الحركة في بيان لها: «كنا نظن أن القرارات التي اتخذتها المحكمة بخصوص الانتخابات في رفح قضية عابرة فتعاملنا معها رغم المرارة والضغوط والتهديدات التي مورست على هيئة المحكمة». ولكن وبعد أن أصدرت المحاكم قراراتها بخصوص انتخابات المناطق التي فازت بها حركة (حماس) في البريج وبيت لاهيا فقد اتضح لكل الشعب الفلسطيني أن هذه القرارات ما هي إلا مؤامرة قد دبرت بليل تهدف إلى تزوير إرادة الشعب الفلسطيني والسطو على فوز حركة (حماس) المستحَق بهذه البلديات التي عبر فيها الشعب الفلسطيني عن رغبته في التغيير و الإصلاح وطي صفحات الفساد الذي عانى منه شعبنا عبر عقود من الزمن. وأضاف البيان الذي تلقت «الرياض» نسخة منه: إن هذه المؤامرة التي اتضحت خيوطها بالإصرار على استخدام السجل المدني ومنذ إغلاق الصناديق وظهور قيادات حزبية على الفضائيات تتهم الحركة ظلماً وعدوانا بالتزوير. وتابع البيان: «أمام هذه المسرحية القضائية والاستخفاف بعقول أبناء شعبنا وأمتنا وإسقاط التزوير الذي مُورس على أوسع نطاق في كافة الانتخابات على حركة (حماس) فإننا نؤكد على ما هو آت»: أولاً: تعلن حركة المقاومة الإسلامية - (حماس) رفضها الإقرار بهذه القرارات السياسية التي صدرت بلبوس القضاء. ثانياً: نطالب بإعادة تشكيل هيئة المحاكم التي تشرف على البت في الطعون المختلقة حيث ان المحاكم قد تشكلت من قضاة ونيابة ينتمي جميعهم لحركة فتح. ثالثاً: نجد أنفسنا مضطرين لإعادة النظر في جملة التفاهمات التي تمت في الحوارات الأخيرة. رابعاً: تحتفظ الحركة لنفسها باتخاذ ما تراه مناسباً في الحفاظ على الثقة التي منحها الشعب الفلسطيني لها. خامساً: إن ما يجري من مهزلة يشكل إساءة بالغة للشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات العظيمة وسجل أنصع صفحات المجد بل ويشكل استخفافاً بدماء الشهداء ونؤكد بأن هذه المهزلة قد كشفت الوجه الحقيقي للديمقراطية المزيفة التي تصور البعض تمريرها على الشعب الفلسطيني.