البعض لكي يكون نجماً دائماً يضع اللوم على الدولة.... بعض الأخوة من الذين يصفون نفسهم (بخبراء اقتصاديين) بصراحة أشعر بأنهم (خبراء اشتراكيين) لأنهم دائماً يضعون الواجب على الدولة في كل ما هو مربوط بالتنمية....دون ذكر أو عتب على القطاع الخاص أو الأفراد للمشاركة في التنمية...بصراحة وبكل شفافية ينغص عليّ حقيقة سأصرح بها لأن الأمانة والصراحة هى أساس أخلاقيات الكتابة الصحفية وأساس التحليل الاقتصادي فمهما كانت الناس تريد سماع شيء فالحقيقة لابد أن تسمع وإلا ظهرت متأخرة في حالة يصعب أو يستحيل حلها. ما رأيكم وأنتم تعلمون أن أكثر من تسعين بالمائة كمتوسط لآخر عشر سنوات من الدخل الوطني هو قائم على المواد الخام وبالتحديد على النفط وأنتم تعلمون جيدا تصريح المهندس خالد الفالح بأن سلوك الاستهلاك السعودي إذا استمر على ذلك سوف تستهلك السعودية كمية أعلى من نفطها بالنسبة للكمية التي تصدرها...فكأننا نقول أهلا بالفقر... ما هو الحل برأيكم والسماء لا تمطر ذهباً ،والله سبحانه إذا منح أمة من الخيرات وأهدروها وأسرفوا فيها قد يذيقهم حرمانها. أساس كلمة (اقتصاد) باللغة العربية مشتقة من التوفير وهو معيار الوعي الأول في أي مجتمع فإن لم نحرص على الترشيد والتوفير فلا تترك هكذا للزمان لأن هذا الدخل النفطي هو الدخل الحقيقي لنا وسلامته جزء أساسي من الأمن القومي الوطني وهنا دور الدولة لطرح حلول فكلمة (اقتصاد) أيضا ولكن بأغلب اللغات الأوروبية تعود لأصل يوناني يعني إدارة الموارد للمنزل وسلامة توزيع الحصص (لا يعني توزيعها مجانا بل السعر بالنسبة للقيمة). أول خطوة لحل أي مشكلة هي فهمها ثم تفكيكها ثم تحليلها ثم تعيد تركيبها بشكل آخر ... فهمها مشروح وهو ازدياد نسبة الاستهلاك المحلي لإنتاج للنفط ولكن تفكيكها هو أن أغلب الاستهلاك للنفط وليس الغاز يذهب في جهتين...الأولى وهي الأقل كمية يذهب في إنتاج الطاقة الكهربائية والدولة الحقيقة بدأت في مشاريع جديدة تعتمد على الطاقة المتجددة مثل الشمسية وهناك حل آخر وهو بإجبار جميع الوكلاء الصناعيين والمصنعين المحليين على الالتزام بمواصفات الآلات المنزلية ذات الكفاءة العالية والاستهلاك الأقل للكهرباء مثل المكيفات والغسالات لترشيد الطاقة. لكن الجهة الثانية ذات الاستهلاك الأعلى للنفط محلياً هي وقود سياراتنا (الجازولين) والسبب الأول هو أن السيارة وسيلة النقل الوحيدة في بلادنا والسبب الثاني هو أن سعر الجازولين محلياً منخفض بنسبة ثمانين بالمائة بالنسبة للسعر العالمي (السعر المحلي ستون هللة للتر وعالمياً قرابة الثلاثة ريالات)....لابد أن نكون صريحين مع أنفسنا وصادقين لنجاوب تحدياتنا...وبصراحة لا أرى الحلول إلا في ثلاث خطوات تدور بين المدى القصير والطويل...أولا طرح مواصلات عامة كبديل للسيارة (أولا الأسهل كحافلات ووضع خط مرور خاص لها ثم وضع بنية تحتية لشبكة قطارات خفيفة على المدى الطويل)ثانيا إجبار جميع المستوردين للسيارات على إحضار سيارات اقتصادية الاستهلاك أو دفع ضريبة تساوي فارق سعر لتر الجازولين المحلي بالنسبة للسعر العالمي مضروب بصافي نتيجة بكمية الاستهلاك السنوي تبعاً لاختلاف التقنية ناقص كمية استهلاك السيارة الاقتصادية المناسبة للمقارنة...ثالثا و هي الخطوة التي يعرفها الكثير ولكن يخشى الكثير ذكرها وهي رفع سعر الوقود تدريجياً...نعم رفع سعر الوقود محلياً فلا حل غير ذلك وللمعلومية فدول الخليج الأخرى سعر وقودها أغلى من السعودية دون استثناء ولقد رفعت دولة الإمارات العزيزة سعر وقودها المحلي ثلاث مرات بمعدل وصل للنصف خلال هذا العام لكي لا تواجه مصير تآكل تدخلها القومي...هذه الحقيقة التي أعلم أن الكثير لا يحب سماعها لكي نرشد استهلاكنا للطاقة ، ومن يقول ان هذا سوف يرفع التضخم صحيح ولكن مع التكيف والترشيد سوف يتلاشى التضخم ( إذا ارتفعت عليك الأسعار فقلص الكمية ) وهذا هو منطق الاقتصاد الذي لا يرحم والحكمة الاقتصادية تقول:من لا يترشد ويدخر فهو ذاهب للفقر.