إرادة الله سبحانه وتعالى شاءت أن يشارك الملايين من المسلمين وحتى من غير المسلمين من كثير من دول العالم شعب المملكة العربية السعودية في الخير وفي النعمة التي وهبها الله لبلادهم وهي مشاركة تتم بكل رضا وبكل قناعة وبكل قبول على المستوى الرسمي والشعبي .. وهذه بركة من رب العالمين على هذه البلاد أن عمّ خيرها كثيرا من سكان دول العالم وهم في بلادهم.. فمن يتأمل الجموع الغفيرة من إخواننا " غير السعوديين " من كافة الجنسيات ومن كافة الأعمار الذين تمتلئ بهم المساجد خلال أداء صلاة المغرب في هذه الأيام - على سبيل المثال - ومن يتمعن الأعداد الكبيرة من إخواننا غير السعوديين الذين يعملون في كل المجالات التجارية وفي المصانع وفي أعمال المباني والإنشاءات، وفي أعمال الحفريات والطرق، ومثلهم من يعملون في كل أعمال الصيانة وفي الورش وفي المصانع وفي المطارات وفي الموانئ وفي المستشفيات وفي كل المهن والمهام ... ومثلهم من نراهم مثلا في أسواق البطحاء في الرياض، وفي أسواق البلد في جدة وفي المناطق الصناعية في كل مدن وقرى وهجر المملكة.. ومن يشاهد الأعداد الكبيرة من إخواننا " غير السعوديين " رجالاً ونساءً الذين يعملون في منازلنا وفي الاستراحات وفي المزارع وحتى في رعاية الماشية في الصحاري البعيدة بحرارتها وببرودتها .. وغيرهم هناك مئات آلاف من المسلمين الذين نراهم في الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة وفي المدينةالمنورة على مدار الساعة .. جميع هؤلاء حضروا بكامل إرادتهم وقناعتهم إلى هذه البلاد إما من أجل العمل أو من أجل الإقامة أو من أجل الزيارة .. لذلك كان من الطبيعي أن تترك مثل هذه الظاهرة الإسلامية الإنسانية تساؤلات عن مكاسب هذه الإرادة الإلهية التي جعلت هذه الملايين تفد إلى هذه البلاد وبرغبة كاملة. جدير بنا نحن السعوديين أن نفكر كثيراً، وأن نتأمل في هذه الجموع الغفيرة جداً من إخواننا غير السعوديين مسلمين وغير مسلمين الذين جاءوا إلى بلادنا من كل بلدان العالم، وان نتساءل كم من الأسر تعولها هذه الأعداد في بلادها ؟! كم من أب وكم من أم وكم من الأبناء لهؤلاء المتواجدين في بلادنا الذين جاءوا يعملون تاركين أسرهم هناك ؟! إن هولاء الأخوة " غير السعوديين " الذين من المؤكد أنهم في تعدادهم قد تجاوزوا الإحصاءات الرسمية ... سواء أكانوا زواراً أم كانوا مقيمين إقامة نظامية، أو غير نظامية، أو كانوا يعملون بصورة نظامية أو غير نظامية ... جميعهم يعتمدون كلياً في إعاشة أسرهم في بلادهم على دخلهم المادي الذي يحصلون عليه من عملهم ومن إقامتهم في هذه البلاد !! إذاً هذه نعمة كبرى لا تقدر بثمن وهبها الله إلى هذه البلاد ومصدر فخر واعتزاز لهذه البلاد قيادة وحكومة وشعباً بأن جعل هذه المملكة بلد خير ومصدر رزق وعيش لملايين الأسر في معظم أنحاء العالم ومن كل الجنسيات تقريباً.. إذن وجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى أن وهب الله هذه البلاد هذه النعمة وفي جذب الملايين من سكان العالم لهذه البلاد فارتقت محبتهم إلى دعاء مستمر لهذه البلاد ولقادتها ولأهلها إن شاء الله بدوام هذه النعمة وحفظ هذه البلاد .. وعلينا أن ندرك جيداً نحن السعوديين أن مصدر العيش الذي يحصل عليه هؤلاء الأخوة غير السعوديين إنما هو أحد أوجه البركة على هذه البلاد إن شاء الله. وفي صور تكاملية أخرى لدور هذه البلاد إسلامياً ودينياً وإنسانياً شاهده العالم خلال هذا الشهر المبارك حدثين إسلاميين عظيمين الأول تمثل في التوسعة العملاقة والتاريخية غير المسبوقة في مساحتها للحرم المكي الشريف التي وضع أساسها خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي ثم تلا ذلك الحملة السعودية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لمساعدة الشعب الصومالي الشقيق في أزمة ومحنة الجوع والفقر فكانت حملة وصلت في حجمها إلى أكبر حملة نقدية وعينية من بين كافة دول العالم.. هذه الجهود وهذه المواقف الإسلامية التي تجسدها دوما هذه البلاد خدمة للإسلام والمسلمين إنما هي مسؤولية وواجب إسلامي توارثه قادة هذه البلاد على مدى التاريخ. حفظ الله هذه البلاد التي عمّ خيرها الجميع مسلمين وغير مسلمين .. دولة بلغت جهودها كل ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، وأدام على هذا الوطن نعمة الاستقرار ونعمة الأمن ونعمة الرخاء ونعمة حب هذه الملايين وحفظ الله لنا قادتنا..