يا لإرادة الشعوب كم هي عظيمة ! ثالث طاغية أسقطته إرادة شعبه في إعصار ربيع الثورات العربية .. زغاريد أمهات الشهداء والثكالى والمكلومين تعالت في كل زنقة من زنقات ليبيا لتحتفل بانتصاراتها ، لتحتفل بثمار دماء الأبناء والأزواج والإخوة ، تلك الدماء التي لم تذهب هدراً ، بل كانت السيل الذي شق الطريق للنصر، ومهّد التراب للخطوات التي اقتلعت الطاغية من معقله وجعلته يلوذ بالفرار " كالجرذان " ! سبحان الله المعز المذل .. حين يختار الشعب قائده ويقلده الحكم فهو بهذا يضع أمانة رعاية الرعية في عنقه ، لكن حين يخون القائد الأمانة وينسى لِمَ وضعه الشعب قائداً ، ويتفرغ لطموحاته ومصالحه الشخصية و"خزعبلاته " ، عندها يحق للرعية أن يخلعوه عن كرسي المسؤولية .. إرادة الشعب فقط هي التي تقرر الأصلح لها ، طال الزمن أم قصر .. فهل اتعظ الرعاة ؟ في سورية مازال نهر الدم جارياً .. ومازال سيناريو الثورة يقاوم لاستمراره واستكمال خطواته ، من المضحك أن يتحدث الحاكم عن نفسه باعتباره هو " الوطن " كله ، الحقيقة أن " الوطن " هو الشعب ، وليس الحاكم ، ومن يقف في وجه إرادة شعبه بالحديد والنار هل يستحق أن يكون راعياً أميناً له ؟ الرائع أن الشعب في سورية مصرٌ على عدم التدخل الأجنبي في ثورته ، يرفضون تكرار المشهد الليبي، ويصّرون على المضي حتى النهاية بأياديهم البيضاء السلمية الموحدة أسوة بالثورتين التونسية والمصرية .. وهل بقي بعد ثورتيهما من يشك بانتصار شعب هذه عدته وعتاده ؟ نسأل الله في هذه الليالي المباركة أن يحقن دماء المسلمين في سورية واليمن والجزائر، وفي كل بقعة من بقاع العالم ، وأن يفرج كروبهم، ويرفع عنهم الخوف ويرزقهم الأمن والأمان في أوطانهم . اللهم اجعل عيدهم عيدين " عيداً لفطرهم، وعيداً لتحررهم وانتصار إرادتهم .. واجمع شتاتهم ووفقهم لاختيار قادة منصفين عادلين يتقون الله في أنفسهم وفي شعوبهم ، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل راحة شعوبهم ورفعة راية الإسلام والمسلمين في كل مكان .. إنك سميع الدعاء .. وكل عام وأنتم آمنون..