أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن تحديث ودمقرطة هياكل الدولة يتجلى بشكل أقوى في إرساء الجهوية المتقدمة. وقال في الخطاب الذي وجهه مساء السبت إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لثورة الملك والشعب إن "تحديث ودمقرطة هياكل الدولة، بقدر ما يتجسد في توزيع الدستور الجديد للسلطات المركزية وفق مبدأ فصل السلط، فإنه يتجلى بصفة أقوى في إرساء الجهوية المتقدمة القائمة على إعادة توزيع سلط وإمكانات المركز على الجهات". وشدد العاهل المغربي على أن يتم ذلك على أساس الديمقراطية الترابية والحكامة الجيدة بما يكفل تحقيق تنمية جهوية متضامنة ومتوازنة ومندمجة.وذكر بأن الدستور الجديد "يرسي دعائم جهوية موسعة ضمن تحول تاريخي يتوخى تحديث وعقلنة هياكل الدولة، باعتماد إصلاحات جوهرية قائمة على الحكامة الترابية الجيدة، وهادفة للنهوض بالتنمية المندمجة وترسيخ العدالة الاجتماعية وضمان مقومات المواطنة الكريمة، لكافة المغاربة".وأكد العاهل المغربي ضمن ذات الخطاب على كون "الرهان الحقيقي الذي ينبغي كسبه في المرحلة السياسية الحالية ليس هو اعتبار الانتخابات المقبلة مجرد تنافس حزبي مشروع للفوز بأكبر عدد من المقاعد بل هو الارتقاء بها إلى معركة وطنية نوعية حول اختيار أفضل البرامج والنخب المؤهلة، لتحقيق انطلاقة جيدة لتنزيل الدستور ولإعطاء دفعة قوية للتحول السياسي الحاسم، الذي تعرفه بلادنا".وشدد على أن ترسيخ مناخ الثقة في الانتخابات المقبلة "لا يقتصر فقط على التوافق بشأن الإعداد الجيد لها وإنما يقتضي قبل كل شيء من كل الفاعلين السياسيين التحلي بالوضوح في المواقف الملتزمة بتعزيز مصداقيتها ونبذ الأحكام المسبقة على نتائج الانتخابات قبل إجرائها والقطع مع التشكيك السياسي فيه الذي لا يخدم سوى أعداء الديمقراطية ونزوعات السلبية والعدمية".وبخصوص الأحزاب السياسية قال الملك محمد بأنها "مطالبة بالتنافس في بلورة برامج انتخابية خلاقة وواقعية، تستجيب للانشغالات الحقيقية للمواطنين, كما أنها مدعوة لتزكية المرشحين الأكفاء القادرين على تحمل المسؤولية في السلطتين البرلمانية والحكومية، أغلبية أو معارضة". كما دعاها إلى "فسح المجال للطاقات الشابة والنسوية بما يفرز نخبا مؤهلة، كفيلة بضخ دماء جديدة في الحياة السياسية والمؤسسات الدستورية"،.وحث العاهل المغربي الناخبين "المساهمة بالتصويت الحر في التعبير عن الإرادة الشعبية على استشعار جسامة أمانة التصويت غير القابلة للمساومة وتحكيم ضميره الوطني في اختيار البرامج الواقعية والمرشحين المؤهلين والنزهاء".كما أورد في نفس السياق أنه بالنظر للمكانة التي خولها الدستور للمجتمع المدني ووسائل الإعلام في ترسيخ قيم المواطنة المسؤولة فإنها مطالبة ب"النهوض بدورها الفعال في الملاحظة القانونية والمستقلة والمحايدة لسلامة العمليات الانتخابية".