اليوم يودع الرياضيون شيخهم عندما يوارى جثمان الشيخ عبدالرحمن بن سعيد الثرى بعد سنوات حافلة من العطاء قضاها في خدمة وطنه في حقلي الشباب والرياضة، مشوار طويل خطه الراحل في هذا المضمار وأفلح ذلك الجهد المبذول عن تأسيس ورئاسة أربعة أندية هي الآن ملء السمع والبصر. ما قدمه ابن سعيد لوطنه لا يمكن أن تختزله كلمات معدودة أو جمل يتم صفها على وجه السرعة من باب القيام بالواجب فقط، فما قدمه شيخ الرياضيين يعد كبيرا للغاية لشباب هذا الوطن عندما أسس وساهم في إيجاد بيئات لهذه الفئة في مزاولة نشاطاتهم الرياضية والشبابية، لا يمكن الحديث عن تاريخ الحركة الرياضية والشبابية في المملكة العربية السعودية من دون أن نفرد مساحة لا حصر لها لما قام به الشيخ عبدالرحمن بن سعيد، ولا يمكن التطرق لأي منجز رياضي يحقق أبناء هذا الوطن من غير التطرق لأفضال ابن سعيد. اليوم تطوى صفحة رجل فاضل قدم الكثير من ماله وعرقه وراحته لإيجاد مناخ رياضي لأبناء بلده، ومع كل هذه الأفضال لم نشاهد ابن سعيد يتحدث عن خدماته وترك الساحة لمن ينظر فيها دون علم، لم يدخل في معترك المماحكات الرياضية التي تغلف وتطبع مجتمعنا الرياضي الآن. رحم الله ابن سعيد الرجل التاريخي الذي رصد الحركة الرياضية وكان شاهداً على كل صغيرة وكبيرة وكان محل ثقة رجال هذا الوطن فتم تكريمه أكثر من مرة، ورحم الله ابن سعيد الرجل الذي أسس نادي القرن في أكبر القارات وهو نادي الهلال، ورحم الله ابن سعيد الذي فتح مجلسه اليومي لجميع أطياف المجتمعات من كل الانتماءات، ورحم الله ابن سعيد الذي قدم صورة زاهية للمؤرخ الحقيقي الذي ابتعد عن تشويه التاريخ وقدم ما حدث في الساحة الرياضية بكل تجرد. واليوم عندما نودع ابن سعيد الذي حظي بتكريم الاتحاد الآسيوي أخيرا بالميدالية الذهبية، فليس اقل من أن يتم تكريمه على الصعيد المحلي وهذا في نظري لن يغيب عن مسيري الحركة الرياضية والشبابية لدينا، فهم المنوط بهم تخليد انجازات كل من ساهم في التأسيس والبناء ثم الانجاز. وإذا كانت المسؤولية ملقاة على عاتق الرئاسة العامة لرعاية الشاب لتخليد ذكرى الراحل، فإن نادي الهلال وإداراته الحالية ملزمة بتكريم الراحل من خلال إطلاق اسمه على أحد ملاعب النادي أو على مدرسة النادي الكروية التي أسس نواتها الأولى في الثمانينات الهجرية الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رحمه الله. وقبل الختام يجب ألا يبقى التاريخ الذي دونه الراحل حبيس المجلدات في منزله، وهنا المسؤولية تقع على أبنائه الذين يمكن أن يواصلوا نهج أبيهم في تقديم هذه الإرث التاريخي العظيم. رحم الله ابن سعيد رحمة واسعة وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.