في منتصف شهر رمضان المبارك، نلاحظ أن الصائم تجاوز مرحلة الشعور المؤلم بالجوع والعطش، وبدأ جسمه في التكيف مع الوضع الغذائي لهذا الشهر الفضيل، وذلك بتناول الطعام والشراب بكميات محددة وفي أوقات معينة، إضافة إلى تدرب النفس على صيام العين والأذن واللسان في حالة الجوع والعطش، وضبط التصرفات وتهذيب النفس. ففي خلال الأيام الأولى من الصيام يبدأ الجسم في مرحلة التكيف مع هذا الوضع في تغير عمليات الأيض أثناء الصيام، لذلك نلاحظ شدة الشعور بالجوع والعطش في بداية الشهر ثم يقل هذا الشعور بسبب تأقلم الجسم على ذلك،ففي ظل عدم تناول الغذاء يبدأ الجسم في خفض عمليات الاستقلاب، ويبدأ الجسم باستهلاك الدهون (الشحوم) المخزنة في الجسم لإنتاج الطاقة الضرورية عند الحاجة، لذلك فإن انخفاض السعرات الحرارية أو الصيام لفترة طويلة (نصف اليوم تقريبا) وعدم حصول الجسم على معدل التوصيات اليومية للعناصر الغذائية في هذا الشهر الفضيل لا تعد مشكلة كما يعتقد البعض (باستثناء بعض الحالات المرضية التي رخص بها الشرع في عدم الصيام)، بل يعتبر نظاما غذائيا فريدا ومميزا للإنسان للتخلص من السموم وخفض نسبة الدهون والكلسترول المتراكمة في الجسم خلال العام ، لذلك فإن من أهم متطلبات نجاح الجانب الغذائي والصحي في الصيام هو الاعتدال والتوازن في كمية وتنوع الغذاء، بينما معظم المشاكل التي يعاني منها البعض أثناء الصيام هو نتيجة عدم الالتزام باتباع النصائح الصحية والغذائية المناسبة أو الإفراط في تناول الطعام. الشوربة من الوجبات المفضلة على الإفطار وجبة الإفطار من المهم أن تحتوي وجبة إفطار الصائم على أصناف غذائية مناسبة، بحيث يتم كسر الصيام بتناول أغذية تتناسب مع الحاجة الملحة للجسم للحصول على مصدر سريع الامتصاص لإنتاج الطاقة وسوائل خفيفة غير مثلجة، بحيث يتمكن الجسم من الاعتماد عليها وبسرعة في تزويد خلايا الجسم فورا بمصدر الطاقة الرئيسي (سكر الجلوكوز )، لذلك نلاحظ أن التمر (الذي يحتوي على سكر الجلوكوز وسكر الفراكتوز) هو أفضل الأغذية المناسبة مع بداية الإفطار، كما يعتبر تناول العصير مناسبا أيضا وذلك لتزويد الجسم بالسكريات البسيطة والماء التي يحتاجها الصائم بحيث ترفع مستوى السكر في الدم إلى المعدل الطبيعي وتعيد التوازن المائي للدم، لذلك يفضل دائما بداية الإفطار بتناول أغذية بسيطة وسهلة الهضم بحيث تزود الجسم بطاقة سريعة ومناسبة لاحتياجات الجسم، ويفضل بعد ذلك تناول الحساء ( مثل شوربة الشوفان) فهي سهلة الهضم وتشعر الجسم بالدفء والشبع بوجود الألياف الذائبة وتقوم بدور مهم في دعم التوازن المائي والأملاح المعدنية في الجسم. تزداد السعرات الحرارية في الحلويات العربية وجبة العشاء تعتبر وجبة العشاء وجبة رئيسية لدى البعض، بينما البعض الآخر يفضل الاكتفاء بوجبة خفيفة بتناول بعض الفطائر والمعجنات، وفي الحقيقة فإن مكونات وجبة العشاء وكميتها تعتمد على مقدار النشاط الذي يزاوله الصائم، فإذا كان الصائم يزاول أعمالا تحتاج إلى بذل مجهود عضلي، فإنه يحتاج إلى وجبة رئيسية تحتوي على جميع مكونات الهرم الغذائي بكميات مناسبة، بينما إذا كان الصائم يبذل مجهودا خفيفا أو متوسطا فيجب أن تكون كمية الوجبة أقل حجما ويمكن الاكتفاء بوجبة خفيفة مناسبة، وفي جميع الأحوال يفضل أن تحتوي الوجبة على الكربوهيدرات المعقدة (النشويات) والبروتين والفيتامينات والمعادن لتزيد قوته وحيويته ومقدرته على الصيام ومقاومة الأمراض، لذلك ينصح بتناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان وكذلك البروتينات مثل اللحوم الحمراء أو البيضاء أو الأسماك مع ملاحظة عدم المبالغة في الكميات. وتجنب قدر الإمكان أو التقليل من تناول الحلويات والأصناف الغذائية المشبعة بالسكريات الثنائية والدهون. الرطب والتمر بداية مثالية لإفطار الصائم السحور إن من الملاحظ هو النوم مباشرة بعد تناول السحور، وهو أمر متعب للصائم، لذلك ننصح بأن تقسم وجبة السحور إلى وجبتين، وذلك بتناول وجبة السحور (كوجبة رئيسية) قبل الإمساك بمدة مناسبة (ساعتين تقريبا)، ويتناول وجبة خفيفة قبل وقت الإمساك مع زيادة كمية السوائل فيها لتخفيف الشعور بالعطش خلال شهر الصيف، وبذلك نتجنب إرهاق الجهاز الهضمي عند النوم مباشرة بعد تناول وجبة السحور. نموذج الوجبات في شهر رمضان وجبة الإفطار : 3-5 حبات من الرطب أو التمر ، نصف كوب من القهوة العربية، كأس من عصير الفاكهة المعتدل البرودة ، كوب من شوربة الشوفان، كمية بسيطة من الحلويات أوالمعجنات. الشوفان غني بالألياف الذائبة ويعيد التوازن المائي والملحي للجسم وجبة العشاء : 8 ملاعق أرز أو نصف رغيف خبز أسمر، 100 غم من الدجاج أو اللحم أو السمك (المسلوق أو المشوي)، كوب من الخضار المسلوقة، سلطة خضار (يضاف مقدار صغير من زيت الزيتون والخل والملح اليودي)، كأس لبن رائب (يفضل استخدام اللبن الأسيدوفيلس). وجبات خفيفة (بعد وجبة العشاء بساعة ونصف تقريبا) : - حبة فاكهة متوسطة الحجم ( برتقال أو تفاح أو 10-15 حبة عنب أو حبة موز متوسطة الحجم ) -حبوب نقل (مكسرات) مثل الكاجو أوالفول السوداني أو الفستق أو اللوز (5-7 حبات). - كوب من الشاي أو القهوة مع قرص بسكويت أو الكوكيز. وجبة السحور (قبل الإمساك بساعتين): يتم تناول وجبة مشابهة للعشاء مع اختلاف الأصناف، ويمكن استبدال اللحوم بالبيض والجبن والبقوليات مثل الفول والحمص. ويفضل تأخير تناول الفاكهة وسلطة الخضار واللبن (يفضل اللبن الأسيدوفيللي) إلى قبل وقت الإمساك بقليل. مع ملاحظة أهمية تناول المياه بكميات معتدلة وبأوقات مختلفة ما بين الإفطار وقبل الإمساك لتجنب الجفاف. يوفر هذا النظام الغذائي مايقارب من 2300 سعر حراري كما يؤمن معظم الاحتياجات اليومية من الطاقة والبروتين والفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية.