قد يتساءل القارئ الكريم: وهل في شعر الحكمة ما هو حار وبارد؟ والجواب: نعم.. فإن الشعر الذي يصدر عن تجربة ومعاناة حين يقذف الحكمة يقذفها (حارة) (طازجة) كأنما خرجت من الفرن مباشرة، لأن قلب الشاعر هنا مثل الفرن الحار.. أما شعر الحكمة الذي يقوله صاحبه وهو يتأمل في برجه العاجي من بعيد فهو (كالخبز البائت) وربما منتهي الصلاحية ليس له طعم طيب ولا رائحة زكية، وما أبعد الفرق بين من يقصد شعر الحكمة قصداً وينظمها نظماً وفق تفكير بارد وتنظير بعيد عن الواقع، وبين من تأبى الحكمة إلاّ أن تخرج من أعماق قلبه الفوَّار بالحرارة والمعاناة بعد موقفٍ حزَّ في نفسه وأثار دفين مشاعره وأوقد نيران عواطفه..