طالب اقتصاديون بتفعيل دور الجمعيات التعاونية لمساعدة الأسر من ذوي الدخول المحدودة على شراء احتياجاتها من المواد الغذائية بأسعار تتناسب مع مداخيلها الشهرية، بعد ان شهدت تباينا كبيرا في اسعارها في منافذ البيع. وأوضحوا أن العروض الدعائية ساهمت في تغيير أنماط الاستهلاك لدى الأسرة السعودية حيث أصبحت المواد الغذائية تستحوذ على الجزء الأكبر من ميزانية العائلة، مما احدث إنفاقا كبيرا يقابله إهدار أطنان غير مرغوب فيها. ويرى المستشار الاقتصادي الدكتور فضل بن سعد البوعينين أن الجمعيات التعاونية البديل الأنسب لحماية المستهلكين من جشع التجار حيث تقوم على مساهمة أهل الحي في إنشاء سوبر ماركت توفر جميع الحاجات لأهل الحي، وبأسعار مناسبة، بعد أن تضع إدارة الجمعية المكونة من سكان الحي على وضع هامش ربح بسيط يحقق الربحية للجمعية ويساعدها على الاستمرار ولا يضر بالمستهلك. ويمكن لأهل الحي المساهمين في رأسمال الجمعية الحصول على أرباح منها، ليتم بذلك تقديم السلع بأسعار في متناول الجميع، وتحقيق أرباح رأسمالية للمساهمين إضافة إلى أن انتشار الجمعيات سيؤدي إلى الضغط على الأسواق بسبب المنافسة، فوجود المنتج في الجمعية التعاونية بأسعار تقل عن الأسواق الأخرى سيدفع بالمستهلكين إلى التحول لها بدلا من الأسواق الأخرى وهذا سيرغم التجار على خفض أسعار السلع للمحافظة على عملائهم من التسرب إلى الجمعيات، كما تمكن الدولة من ضبط سياسة التموين وإخضاع بعض السلع لقوانين تموين خاصة في الأزمات كما أن دعم الدولة للجمعيات التعاونية سيخفض التكلفة عليها وهذا ينعكس إيجابا على الأسعار. واضاف أن عدم إنشاء جمعيات تعاونية حتى الآن ربما يعود الى التجار المسيطرين على السوق، لذا يجب ان تبادر الحكومة بإنشاء جمعية تعاونية رئيسة في كل محافظة، بعد توفير الأراضي من الأمانات والبلديات، وتتولى مسؤولية التنظيم والدعم والتنفيذ، والاستيراد الأولي لها ومن ثم تُطرح لمساهمة أهل الحي لتكون النواة الحقيقية للجمعيات التعاونية. ويؤكد البوعينين على التمييز بين شرائح المجتمع القادرة على تحقيق الترشيد وفق ملاءتها المالية وبين شرائح أخرى لا تجد ما يكفيها من مال لسد جزء من حاجاتها الأساسية. من جهته رأى المحلل المالي تركي حسين فدعق أن هناك مؤشرات على زيادة الإنفاق الاستهلاكي غير المبرر من الأسرة السعودية ويستدل على ذلك بأحدث بيانات مؤسسة النقد فقد سجلت قيمة المبيعات عبر عمليات نقاط البيع في السعودية ارتفاعا بنسبة 40% خلال يونيو إلى 9.17 مليارات ريال مقارنة مع 6.5 مليارات ريال قبل عام، كما ارتفعت السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي بالسعودية في يونيو إلى 49.6 مليار ريال بزيادة 24% مقارنة مع 39.9 مليار قبل عام، ويمثل حجم الإنفاق الغذائي ما يزيد على 60% من إجمالي الإنفاق العام للمستهلكين. ويؤكد المحلل المالي تركي فدعق أن الجمعيات التعاونية ضرورة لوقف نزيف جيوب ذوي الدخل المحدود، مضيفا أن ترشيد عادات الأسرة السعودية يعتمد على وعي أفراد العائلة بالممارسات والعادات الاستهلاكية الحميدة ولرب الأسرة دور رئيسي في ذلك، لذا من المهم رفع وعي المستهلكين بصفة عامة بعدم الانجراف خلف الحملات التسويقية والدعائية والإعلانية بدون الحاجة الفعلية لهذه السلع أو الخدمات فقد أكدت العديد من الدراسات أن جزءا كبيرا من نفقات المستهلكين هي لأغراض ليست ضرورية أو بكميات مضاعفة عن الاحتياج الفعلي.