توثّق "المائدة الرمضانية" عرى التراحم والترابط والمحبة بين أفراد العائلة، وهي الأجواء التي كثيراً ما تغيب في الأشهر الأخرى؛ نظراً لاختلاف مواعيد فرد دون آخر في الأسرة، أما في مائدة رمضان فيقاسم الأخ شقيقه تبادل الأطباق، ويسكب الأب لابنته شيئا من الحساء، وتقبل الأم بابتسامتها الدافئة لتحتضن ذلك الجو الإيماني الجميل والشعور بلذة الإفطار، وهي مكافئة الإخلاص في العبادة وفرحة الصائم المطيع. وعلى الرغم من تلك الأجواء الروحانية والحميمة التي تكتمل بصورها المشرقة على السفرة الرمضانية في الكثير من البيوت، تأتي هناك صورة أخرى من السلوكيات غير المقبولة لروحانية هذا الشهر الكريم، فينسى البعض بأنه يعيش أفضل أيام السنة "أيام شهر رمضان المبارك"، فينام في سلوكياته الخاطئة دون أن يعي مسؤولية أن يكون صائما في شهر الله، وهنا.. على مائدة الإفطار تبدأ حكايته الشجارية، ومشاكساته الدائمة حتى تتحول لدى البعض إلى عادة على مائدة الإفطار، فيبدأ التنابز بالألفاظ والشد والشتم وارتفاع الصوت والصراخ وربما البكاء، فهذا يغضب لأن شقيقه لم يتركه يجلس بالقرب من والده، وربما ألقت الابنة بالملعقة في وجه شقيقتها لأنها سخرت من تسريحة شعرها، أو ربما دار خلاف كبير بين الأشقاء على من يصطحب الأم للسوق، فتشب نيران الخلافات دون أن يفكر البعض بأن "يمنح لنفسه وللآخرين" هدنة رمضانية للتصالح مع الذات ومع الآخر والتعايش بمفهوم الصيام الذي هو في حقيقته ليس إمساكا عن الطعام والشراب، بل إنه في مفهومه الأعمق إمساك عن السلوكيات الخاطئة التي كنا نمارسها في الأشهر السابقة.. فإن تتغير في عاداتك إلى الأفضل هو الهدف الأسمى من الصيام. وخزة: هناك من هو محروم من نعمة أن يكون مع أسرته في رمضان وتناول الإفطار معهم، فمتى تدرك ذلك، وتبدأ بتصحيح عاداتك الشخصية السيئة مع أفراد أسرتك.. صح النوم.. أنت في رمضان!.