أثار الشيخ عبدالمحسن العبيكان قضية جواز سفر المرأة بدون محرم.. وكالعادة ثارت الدنيا وكانت هذه القضية حديث الناس. وبالطبع ليس هذا رأي الشيخ العبيكان وحده وإنما رأي عدة فقهاء متقدمين ومتأخرين، وبعيدا عن التأصيل الشرعي لهذا الحكم. ما أثار تفكيري كيفية تعاطينا مع المرأة وكل ما يخصها. منها موضوع السفر والذي في اعتقادي مناطه المرأة ذاتها، بمعنى أنها هي من المفترض أن تقرر تسافر أو لا تسافر وهي من ستحمل إثم السفر اذا سافرت وحدها، لا أن نوكله للمحرم أو لولي أمرها ليمنعها أو يسمح لها!. فالسفر أو الامتناع عنه هو أمر من أمور الحياة والتعاطي معه يكون بين المرء الذي هو هنا المرأة وبين الله. فلا يتدخل وسيط وبالتالي تدخل المحرم أو الولي يلغي مسؤولية المرأة عن نفسها وعن أفعالها المحاسبة عليها!!. ودلالة ذلك نص الحديث الشريف: (لا يحل لامرأة....) الى آخر الحديث. فالخطاب موجه هنا الى المرأة وبالتالي لا يقرر السفر من عدمه الا المرأة نفسها!. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أتعجب من كوننا نرضى أن تذهب الاجتهادات الفقهية وإعادة قراءة الأحكام في ضوء المستجدات إلى أبعد مدى! وما إن تتم محاولة تحريك الساكن فيما يخص المرأة تثور الدنيا ويقاوم المجتمع بعنف وشراسة!!. وتقفز الأذهان إلى أبشع الظنون والآثام!! بعض التعليقات في جريدة الرياض تستحق التأمل والتقاط ما تعكسه ذهنيات بعض أفراد المجتمع!. الأغلب يردد الأغنية الساذجة ذاتها أتريدون أن تنفلت المرأة؟ أن تنحرف؟ إذن نحن نخاف من سفر المرأة حتى لا تفسد وتمارس المعاصي؟. حسنا أليس الشباب يسافر والبعض منهم يرتكب المعاصي؟ بل وتروى الروايات عما يرتكبه البعض من أفعال مشينه تسيء لسمعة الشاب السعودي والمسلم!!. فلماذا لم يتم منعه؟ لا نريد أن نرجع لحكاية الشاب والفتاة والفرق بينهما! فالخطأ واحد ولا يفرق الله بين من أخطأ على حسب جنسه!!. ثم إن نساء العالم العربي والإسلامي يسافرن وحدهن أو برفقة نساء.. فهل يعني ذلك أنهن فاسدات لا سمح الله؟!. أفكر كيف أننا نناقش أمرا تمارسه معلماتنا كل يوم وهن يذهبن لمدارسهن في القرى النائية؟ أليس هذا بسفر؟ لماذا لم يقل أحد لا بد من محرم؟ مع خطورة الطرق وعشرات الوفيات من المعلمات ولم يطالب أحد بالمحرم؟. لماذا اختفى المحرم هنا إذن؟ بل لماذا اختفى المحرم في حال ملايين العاملات اللاتي يأتين للبلد؟ لماذا لم نشترط قدومهن مع محارمهن اذا كنا فعلا نريد تطبيق شرع الله؟. البعض يقول إن وضع الخادمات مختلف وأنهن كملك اليمين!! وآخر يقول إن مكتب الاستقدام بمثابة ولي الأمر والمحرم بالنسبة لهن!! أي منطق هذا؟ ترى لماذا نجعل شرع الله على هوانا؟!. نستميت لنطبقه حينا ونغيبه ونلتف حوله حينا آخر؟!.