قبل سنوات أدركت الجهات الرسمية أن مسمى "خادمة" مسمى غير مناسب وسارعت إلى تغيير مسمى "خادمة" إلى "عاملة منزلية" في جميع المعاملات الرسمية وذلك بهدف احترام شخصية هذا الإنسان.. لأن مسمى "عاملة منزلية" مسمى أفضل وأنسب على الأقل أمام المجتمع العالمي!! هذا التوجيه الرسمي الجميل لم يجد القبول الكامل من الإعلام المحلي ومن المجتمع ككل ولم يجد إجراءات رسمية مرادفة تكفل لهذا الإنسان أدنى حدود الاحترام المفترض ليس في المسمى أو في اللفظ أو في التعامل من بعض فئات المجتمع.. ولا زالت معظم وسائل الإعلام تصر على مسمى "الخادمة" وهذه انعكاس لثقافة اجتماعية مترسخة منذ سنوات نحو "عاملة" تعتمد عليها كلياً جميع الأسر السعودية تقريباً وبأعداد متقاربة!! لكن اليوم يبدو أن لدينا ما هو اكبر واخطر من ذلك وهو ما نراه من انتشار ظاهرة "المتاجرة" بالعاملات المنزلية التي أصبحت تجارة علنية!! فما نراه في كل يوم في معظم الإعلانات المبوبة "الفوضوية" التي تتضمن طلب أو عرض بيع أو شراء خادمات منزلية وكأننا في سوق سلع عادية أو وجه خفي لأحد أسواق (الرقيق)؟!! وإن حاول بعض المعلنين تحسين صور إعلاناتهم بمسميات مختلفة كالتنازل أو الإعارة أو ما إلى ذلك مما يؤكد حقيقة هذه الظاهرة.. فظاهرة الإعلان عن بيع او شراء العاملات المنزلية إنما هي إعلان صريح عن وجود سوق سوداء وسوق غير شرعية للمتاجرة بهذه الفئة من البشر من خلال هؤلاء العاملات وبصورة لا نرى لها مثيلا في أي دولة.. وكما يلاحظ في معظم هذه الإعلانات أنها مجهولة المصدر والهوية ولا تتضمن أي معلومات رسمية عن هوية المعلن او الجهة المعلنة ولا يتضمن الإعلان أي تصريح رسمي للمعلن ولا يوجد في الإعلان سوى أرقام لهواتف مجهولة لأنها أرقام نقالة مسبوقة الدفع لذلك فإنها قابلة للاختفاء والإلغاء في أي لحظة او بعد الانتهاء من المهمة!! إن ظاهرة طلب وبيع وشراء العاملات المنزلية سوق خفية انضم إليها المتاجرون فيها من بعض العاملين في مكاتب الاستقدام وحتى مكاتب الخدمات العامة وكذلك مكاتب التعقيب؟! وحتى الغير سعوديين وبدرجة فوضوية جدا في عملية بيع وشراء ليس لها ضوابط وليس عليها رقابة.. ولا يدرك خطر وخطأ هذه الظاهرة الا من تورط فيها فأصبح لديه قناعة كاملة أن هذه الظاهرة تعمل وتتم بصورة متزايدة في ظل غياب رسمي تام من كافة الجهات المعنية لان كل جهة تتهرب من مسئوليتها وتلقي بها على الجهة الأخرى!! وهذا التهرب أو هذا الضياع هو الذي شجع كل من هب ودب بالانضمام الى سوق المتاجرة بالعاملات في ظل أرباح خيالية وصلت فيها الأسعار اليوم إلى اكثر من عشرين ألف ريال للخادمة يدفعها المحتاج او المضطر دون أي حقوق له ودون معرفة من يضمن له حقوقه في ظل فوضى تامة ومطلقة تسيطر على أجواء سوق العاملات الغير شرعي!! هذه الظاهرة قد يعلل البعض أسبابها إلى قرار إيقاف الاستقدام من الفلبين واندونيسيا وهذا القرار بالمناسبة قرار رائع ومطلوب وأتمنى أن تصمد وزارة العمل عليه لأطول مدة ممكنة حتى ترضخ الأطراف الأخرى إلى شروط المملكة وعدم الانصياع إلى شروط تلك الدول وطلباتها التي لا تقابل بأي ضمانات عند هروب العاملة أو عند عدم مناسبتها أو عند رغبتها في العودة إلى بلادها قبل نهاية العقد فسفارات هذه الدول لا تقدم إطلاقا أي ضمانات مقابل شروطها التعجيزية والتعسفية والمملة والمعقدة رغم ان المصلحة الأكبر من الاستقدام تعود لاقتصاد تلك الدول!! فهذه الظاهرة كانت مستمرة طوال العام وقبل قرار وقف الاستقدام وتزداد في كل عام مع قرب شهر رمضان وذلك لإدراك المتاجرين بالعاملات لحاجة الأسر السعودية إلى العاملة المنزلية أو إلى الطباخة المنزلية أكثر خلال شهر رمضان وأرى أنه سبب غير مبرر لأن معظم الأسر السعودية خلال شهر رمضان لا تستهلك الا وجبتين فقط.. على كل ما يحدث في سوق بيع وشراء والمتاجرة بالعاملات في المجتمع ظاهرة انضم إليها كل من يرغب في الكسب السريع والباهظ والغير مشروع وهي ظاهرة شجعت على هروب وتهريب العاملات من المنازل من خلال عملاء غير سعودين يعملون وفق تنظيمات خفية على تهريب العاملات من المنازل ومن ثم تشغيلهم بطرق غير نظامية بمبالغ مغرية جداً مستغلين حاجة الكثير من الأسر!! القضية ظاهرة تحتاج عاجلا إلى اهتمام وانتباه وحلول صارمة وعاجلة جدا من اجل إنقاذ المجتمع من خطر ينم عن غياب الرقابة وتهرب من المسئولية من اجل تدارك الكثير من المشاكل الحالية والقادمة!!