إلى وقت قريب لم يكن علم الطب النفسي يستخدم في التعامل مع مرضى الاكتئاب والحزن وبقية الامراض النفسية المعروفة اليوم الا بطريقة التحليل النفسي، وفلسفة اختلاف الامزجة والكبت الغضبي المتراكم والتنفيس الاستطرادي، ولكن مع الوقت وتقدم العلم فهم الاطباء ان ما يحصل من اضطرابات عقلية ونفسية انما هي مرجعه الى ثلاثة اسباب مادية فسيولوجية ملموسة هي الاختلال في كيميائيات المخ بالدروجة الاولى، أو نقص بعض الهرمونات الغدية، او حاجة الجسم الملحة لبعض الفيتامينات والمعادن ومضادات الاكسدة، اضافة الى الاسباب النفسية العديدة .. ** عند مصيبة الموت يوصي نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه، ان يصنع لاهل الميت ( شوربة الشعير ) ليتناولوها فتخفف عنهم ما يشتكونه من حزن، فقال ( التلبينة، مجمة لفؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن ) ، ومازال بعض الحجازيين يسمون شوربة الشعير بنخالته باسم ( التلبينة ) لانها تكون بيضاء كاللبن ، تريح القلب المريض وتخفف حدة الحزن والكآبة ، والسبب ان حبة الشعير تحتوي على (البوتاسيوم) وهو معدن يسبب نقصه الشعور بالاكتئاب والحزن ، ويجعل التوتر العصبي في اشده وبنقصه يستثار الغضب بسرعة، كما يتحكم في ضغط الدم فيخلق توازنا داخل الجسم، كما تحتوي على معدن المغنيزيوم والذي يرخي الاعصاب ويهديها، وتحتوي ايضا على فيتامين ( ب ) الذي يساعد في تهدئة النبضات الكهربائية العصبية، ويساعد على الاسترخاء النفسي والعضلي ، اضافة الى احتوائها على فيتامين ( أ ) و( ه ) واللذان ثبت انهما يعجلان في الاستشفاء من الامراض العصبية والنفسية ، كما تحتوي حبة الشعير على الالياف المساعدة على العناية بالقولون وتنظيفه مما يقلل تهيج القولون العصبي، وأخيرا تحتوي على الحمض الاميني تربيتوفان والذي يساعد في صناعة الناقل العصبي السيروتينين وهو المتحكم بالمزاج والحالة النفسية للانسان.. فالتلبينة تجمع فيها ما يحتاجه الحزانى والمكلومون والمكتئبون للتخفيف مما هم فيه ولو قليلا، وهنا اعجب كثيرا من دقة التعبير في قوله (ببعض الحزن) ، لأن الحزن له مصادره النفسية والاسترجاعية ايضا، فلا بد ان يبقى منه بعض الاثر والذي تتكفل الايام ومر الليالي بتسليته ونسيانه.. ** أما على صعيد التجربة الشخصية، وتوصيتي لبعض مريضاتي المكتئبات بهذا الحساء الساخن، فإن النتائج عجيبة ومفيدة ليس على النفسيات المكتئبة والحزينة وحسب، بل يتعدى الامر الى بعض الفوائد الصحية كتداوي القلب وانخفاض الكوليسترول والضغط وشفاء القولون العصبي والقرح الهضمية والحصول على بشرة مشرقة ناعمة، هذه خلاصة تجربتي، فهل يا ترى سنرى على موائد الإفطار الرمضانية حساء التلبينة الساخن ؟؟ .. وعلى دروب الخير نلتقي ...