لا أجد مبرراً منطقياً حتى اللحظة يجعل الإدارة النصراوية تمعن في إذلال مهاجم الفريق سعد الحارثي سوى أنها تريد تصفية بعض حساباتها، ليس بالضرورة مع اللاعب، وإنما مع أطراف أخرى يرتبط معها بعلاقة، وهي التي لا تنسجم مع رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي، وفي مقدمتها عضو شرف النادي الأمير ممدوح بن عبدالرحمن، والذي أطل قبل أيام على واجهة الأحداث، وتحديداً في قضية تجديد عقد اللاعب. لست هنا ضد القرار النصراوي في تقديم العرض المناسب للحارثي "بمهنية بعيداً عن العواطف والمجاملات" كما جاء في بيان الإدارة الأخير، بل على العكس فأنا أذهب معها في ذات الاتجاه؛ ولكنني ضد الطريقة التي تتم من خلالها عملية معالجة الأزمة العالقة، والتي لا تخلو من إذلال للاعب قدم للنصر ما قدم، إذ يكفيه أنه ظل في أسوأ أحوال الفريق نجم الفريق الأول، وملهم الجماهير الأوحد. الإذلال تبدى بوضوح من خلال طريقة إدارة المفاوضات، والتي لم تخلُ من تحجيم للاعب على المستوى الفني، وتحطيم له على المستوى النفسي، وهما اللذان ظهرا جلياً في تناقضات الإدارة من جهة حسم تجديد العقد، إذ بدأ الأمر بتعليق عملية التجديد على مشجب سفر الرئيس، وحين عاد علق التجديد على مشجب التعاقد مع المدرب الجديد، وحين دخل اللاعب فترة الأشهر الستة تم تعليق الأمر على مبالغة اللاعب في مطالبه، وبعد التعاقد مع اللاعبين وليد الطايع وعدنان فلاتة ما نسف حجة انتظار المدرب تم تعليق التجديد على رؤية الإدارة في اختيار الوقت والمبلغ المناسب لحسم العملية. ولم يقف الإذلال عند حد طريقة إدارة المفاوضات، بل حتى التعاطي الإعلامي لم يخل من ذلك، فغالبية التصريحات الرسمية كانت تصب في هذه القناة، وليس أسوأ مما طرحه المتحدث الرسمي طارق بن طالب في إطلالاته عبر برنامج (الملعب) الشهر الماضي إن تصريحاً أو تلميحاً؛ إذ لم يرقَ إلى الحدود الدنيا من درجات التعاطي الأدبي مع أي لاعب، فضلاً عن لاعب بمكانة الحارثي، وتخطئ الإدارة إن ظنت بأنها من خلال بعض مفردات المديح العابرة في البيان الأخير قادرة على القفز على حقيقة فشلها في إدارة الأزمة على الأقل إعلامياً. وبالوقوف على ما تضمنه البيان الأخير نجد أن إدارة النادي حاولت قطع الطريق في النقاط السبع التي جاءت فيه على اللاعب ووكيل أعماله، ومعهما بعض الشرفيين، كما أرادت تجاوز منعطف الجماهير والإعلام، وذلك من خلال الاتكاء على جدار الاحتراف كي يسند موقفها من عملية التجديد مع اللاعب؛ لكنها ورغم براعتها في صياغة العبارات، وسبك الجمل، ونجاحها في إغلاق المنافذ باستخدام أدوات الاحتراف؛ لكنها نست أو تناست أن الاحترافية في العمل الإداري لا تحوي أبداً في أي من جوانبها أي شكل من أشكال الجحود والتنكر، وهو ما كان ينبغي عليها إدراكه، فحتى الأندية الموغلة في الاحتراف خارجياً حينما تصل مع نجومها عند طريق اللاعودة فإنها تعتمد مبدأ "تسريح بإحسان".. أقول بإحسان وليس بإذلال!.