كل شيء سوف يتساقط ،اللحم عن سلاميات الأصابع والذكريات البريئة عن الذاكرة، والأبجدية عن الأصوات والثلج سوف يغطي أفكارنا والجرذان سوف تقرض قلوبنا هذه بداية ونهاية كل مدمن فهو يحتضر ثم يموت في اليوم ألف مرة وشمسهم غابت ورحلت عنهم وعنا !! إذا لم يجدوا احداً يأخذ بأيديهم، وماذا يفعل المريض المدمن إذا نشاء بداخل البيوت المفككة اسرياً ؟! وهذا التفكك ناتج عن عوامل عديدة اجتماعية كانفصال الأب والأم أو كثرة المشاجرات بسبب عدم التجانس الثقافي والاجتماعي بينهما أو بسبب عوامل اقتصادية كالغنى الفاحش واستخدام الأموال بطرق سلبية أو الفقر وعدم الرضا بما قسمة الله لك . ترتبط مشكلة تعاطي المخدرات والإدمان عليها بعوامل نفسية وبيئية عديدة ومن خلال بحثي بهذا المجال والدراسات المتعلقة بمجتمعنا السعودي الغالي هو أن أهم عامل يؤدي بالرجل أو المرأة إلى تعاطي المخدرات والمسكرات هو التفكك الأسري، والنشأة الاجتماعية غير المتوازنة !! ، فعندما تكون هذه البيوت خالية من الحب والحنان وعدم التوافق بين الزوجين فهذا سوف ينعكس سلباً على الأبناء على حد سواء مهما حاولا إخفاء الواقع الصعب فكثرة المشاكل والمشاجرات وانعدام الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة . وعدم الاعتراف بثقافة الحوار والاحتواء بين أفراد العائلة سوف يخلق جوا مكهربا وفجوة ثقافية عميقةً وبهذا ساعدنا الغضب أن يجتاح ويستوطن أركان البيت !! . وبذلك ستتحول البيوت الغاضبة إلى بيئة طاردة ومنفرة لأبنائها بعد ان سلبت منهم التوازن النفسي والاستقرار وحقهم بالشعور بالأمان والاطمئنان، وزرعت بداخلهم انعدام الثقة وحب الهروب من مواجهة الواقع ، والبحث عن من يسمعهم ويحتويهم ولكن للأسف خارج أسوار البيت ، فشياطين الأنس ( أقران السوء ) هم من يسكنون الشوارع ينتظرون فريستهم على أحر من الجمر ففي البداية سيقدمون لهم ما كانوا يفتقدونه بداخل بيوتهم من المشاعر والعاطفة الكذابة والمال ايضا حتى يزرعوا ثقتهم بداخل الضحية وما أن تنتهي المرحلة الأولى حتى تأتي المرحلة الثانية ويكشف الشيطان عن أنيابه ويبدأ بتغريرهم وتشجيعهم على تعاطي أنواع مختلفة من المواد المخدرة لأجل الحصول على النشوة ونسيان ما يتعرضون له من ضغوط أسرية وبعد مرور الزمن تتحول شخصية الشاب والشابة المدمنة إلى شخصيات تابعة نفسيا وجسدياً لشياطين الأنس وهنا وقعوا بداخل الفخ !! . فصفة الفخ عجيبة !! لأنه فخ واسع لا حجم ولا حدود له مصنوع من خيوط العنكبوت فهو يسع العديد من أبنائنا الذين ضعف وازعهم الديني وتكونت بداخلهم مستعمرات من الإحباط والكآبة الناجمة ايضا عن البطالة وعدم توفر فرص العمل والأمل المجهول الذي التف حول رقابهم كطوق من حديد، والأفكار الضالة البعيدة كل البعد عن الله السلبية التي تعمل على تدمير عقولهم وقلوبهم، واستبدلوا عالم الواقع بعالم لا واقعي اسود اللون بفعل إدمانهم للمخدرات ومع هذا كله وما قمت بطرحه فنحن لسنا في نهاية الطريق ولكن في بداية الإصلاح فجرس الإنذار بالخطر قد سمع بداخل هذه (البيوت الغاضبة) فلابد من التوقف ومحاسبة الزوجين أنفسهم قبل محاسبة المدمن وجمع أبنائهم حولهم ليتم الاتحاد والتلاحم بين أفراد الأسرة والإمساك بيد المدمن أو المدمنة واحتوائهم بالعطف والرحمة وتفهم وضعهم ، وأدخلهم مراكز لمعالجة الإدمان ( كمجمعات الأمل المنتشرة بداخل المملكة )، وبذلك سيقوم الأخصائيون النفسيون والاجتماعيون بوضع خطة مدروسة تهتم بإعادة هيكلة وتأهيل أسرة المدمن والمريض المدمن نفسياً واجتماعيا ، وبعد أن يتم علاجه وتخليص جسده من السموم سيولد المريض المدمن من جديد ويرجع إلى ممارسة حياته الطبيعية ليساهم في بناء وتطوير وطنه ومجتمعه والارتقاء به لأعلى الدرجات، فالإيمان والإرادة والعزيمة الصلبة بإمكانها تحويل المستحيل لحقيقة ومن العسر إلى يسر ، ومن الحزن لفرح وسرور وبالحب نستطيع أن نحول البيوت الغاضبة إلى بيوت سعيدة .... وستشرق شمسهم من جديد .