تعيش منطقة عسير هذه الأيام أجواء ربيعية أخاذة، والغريب أننا مازلنا في بداية موسم فصل الصيف لهذا العام، إلاّ أن كمية الأمطار الهاطلة وبكثافة، حولت صيفها ربيعاً أخضراً، حيث اكتست الجبال الخضرة المطلقة، وجرى الماء من خلال الأودية المتعددة بشلالات بديعة. وزاد من بهاء هذا الصيف تلك البرامج السياحية المعدة بعناية ودقة لتلبية أذواق كافة المصطافين وأبناء المنطقة، فعسير تحرص كل عام على التميز والإبداع والإبهار، ولا غرو في ذلك، فهي رائدة السياحة الوطنية منذ ما يزيد عن (30) عاماً، كانت كفيلة أن تكون برامج هذا الصيف عصارة فكر وجهد السنون الماضية، كيف لا وكل هذه المعطيات والفعاليات يقف ورائها الأمير المبدع صاحب الهمة والذوق الرفيع الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير المنطقة، والذي يتابع وبنفسه شخصياً جميع الفعاليات والمناشط، بل ويحرص كل الحرص على تقديم الجديد والمفيد وبما يحقق لمهرجان عسير التميز والإبداع. وكثفت إدارة مرور عسير من تواجدها على مداخل المدن والتقاطعات الرئيسة والمنتزهات، مما أسهم في انسياب الحركة المرورية، وبدأت جميع الإدارات الحكومية المختصة وذات العلاقة في تنفيذ خططها الرامية إلى تمكين المصطافين من قضاء إجازتهم في أمن وأمان وراحة تامة، دون أن يعكرها أي شيء يذكر، وبما يحقق لأبناء المنطقة والمصطافين تكامل منظومة الخدمات بكافة أشكالها. وتحول وسط المدينة مساء إلى شلالات من الأضواء والفرح والنسمات العليلة، وهو ما شجع الزوار على ممارسة رياضة المشي، خاصةً على الممشى المحاذي لوادي أبها الكبير، الذي يخترق المدينة من الغرب باتجاه الشرق، إضافةً إلى أن الحدائق المنتشرة بكافة أحياء مدينة أبها، تقدم لروادها المتعة والسرور والهدوء الذي ينشده المصطاف، حيث تتميز بالخضرة الدائمة والأشجار الباسقة وألعاب الأطفال المتعددة. وكان صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أعلن فعاليات مهرجان أبها، حيث تتنوع النشاطات ومن أبرزها مهرجانات المحافظات، والخيمة الدينية السياحية، وعروض الضوء والصوت، واكتشف عسير من السماء والطيران الشراعي، بالإضافة إلى مهرجان ليالي أبها التراثية والفنون التشكيلية، وتسلق الجبال، ولا ننسى الأسواق الشعبية المشهورة بمنطقة عسير والتي تعد رافداً مهما من روافد السياحة العسيرية، ولعل أشهرها على الإطلاق سوق الثلاثاء الذي يقدم ويعرض به كافة المنتجات التقليدية بالمنطقة، والتي تعد عامل جذب سياحي لكل قادم إلى أبها الجمال وسحر الطبيعة، وكذلك "سوق الخميس" بمدينة خميس مشيط، و"سوق الواديين" و"سوق آل يزيد" وغيرها من الأسواق الشعبية التراثية. وتشكل القرى التراثية مزاراً مهماً ولوحة شعبية، تعرض للقادمين فكرة موجزة عن تراث وحضارة المنطقة، وعند ذكرنا للقرى التراثية يبرز للذاكرة مباشرة "قرية رجال"، والتي تقع بمنطقة "رجال ألمع"، حيث تعد من أهم وأول القرى السياحية بالمنطقة، وربما المملكة، حيث ينتقل لها المصطاف عبر رحلة سياحية أخاذة ومناظر تأسر الألباب، من خلال الانتقال بالعربات المعلقة "التلفريك"، من أعالي قمم جبال "السودة الخضراء"، إلى أسفل أصدار تهامة في منطقة "العوص".