لقد كان يوم الأحد الماضي يوماً مشهوداً في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض. فهي منذ زمان لم تر مثل هذا الحماس الذي شهده الاجتماع الذي نظمته بين قطاع الأعمال والقطاع الحكومي ممثلاً بوكيل وزارة العمل للشؤون العمالية الأستاذ أحمد بن صالح الحميدان. ولهذا فقد غصت قاعات الغرفة وممراتها على الطابق الأول بالحضور. وكيف لا والحديث كان مخصصا لبرنامج نطاقات الذي يعتبره القطاع الحكومي قضية محورية ويراه القطاع الخاص أمرا مصيريا. فالقطاع الحكومي، باعتباره ممثلا لكافة فئات المجتمع، لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى معدلات البطالة ومخاطرها تحوم مثل الأشباح في الشوارع. خصوصاً وأن هيكل مجتمعنا تغلب عليه الفئات السكانية قليلة العمر. بالمثل فإن أصحاب الأعمال قد تقاطروا للاستماع ومناقشة وزارة العمل حول موضوع وثيق الصلة بمراكزهم المالية. حقاً لقد كانت مرافعة المسؤول الحكومي صريحة وقوية ومدعمة بالحجج التي يصعب دحضها. وربما انتاب الكثير وهم يستمعون إلى تلك المرافعة البليغة أن وكيل الوزارة قد جاء إلى الغرفة التجارية ليقول لأصحاب الأعمال كفى. ولكن هذا اعتقاد في غير محله على ما يبدو لي . من ناحية أخرى فإن أصحاب الأعمال لم يكن لديهم من الحجج أو بالأحرى لم يكن لديهم محام أو مدافع أو فلنقل وكيل متمكن لمناقشة الوكيل الحكومي وإقناعه. وهذا مأخذ على القطاع الخاص. ففي مثل هذه الأمور الحساسة لا تنفع صيغ عبارات المجاملة ولا الردود المنفعلة غير المدروسة كالتي سمعناها. ولكن يبدو أن قطاع الأعمال، الذي ربما فوجئ بالقرارات الحكومية ، لم يتمكن بعد من استجماع القوى والرد على المبادرة الحكومية بشكل مدروس. وأعتقد أن أفضل شيء ممكن أن يعمله القطاع الخاص في مثل هذا الظروف هو ادراج برنامج نطاقات على المنتديات الاقتصادية التي يرعاها كمنتدى جدة والرياض. فدراسة هذا الموضوع من كافة جوانبه أمر سوف يكون مفيدا ليس فقط لرعاة هذه المنتديات وإنما للقطاع الحكومي أيضاَ بحكم أن هذا الأخير هو الراعي لمصالح كافة فئات المجتمع. غير أنه حتى يحن ذلك الوقت فإن مياها كثيرة تكون قد جرت كما يقول المثل. فمن الواضح أن شريحة كبيرة من قطاع الأعمال سوف تضرر قبل أن تصل المناقشة بين القطاعين الحكومي والخاص إلى نتيجة مرضية. ولهذا فقد يكون من الأفضل وقبل أن يقع الفأس على الرأس ان يبادر القطاع الحكومي إلى تجميد العمل ببرنامج نطاقات حتى الربع الثاني من العام القادم. وذلك لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لدراسة البرنامج والرد على المبادرة الحكومية بما يعود بالنفع على كلا القطاعين وكافة أفراد المجتمع. ولكن وحتى يحين ذلك الوقت قد يكون من المفيد أن نتذكر تجربتنا الاقتصادية التي تشهد أن أنجح المنشآت في سعودة الوظائف هي المنشآت الحكومية مثل أرامكو أو المنشآت المختلطة مثل سابك والمؤسسات المصرفية. ولذلك فربما يكون من المجدي أن يكرر القطاع الحكومي تجربته السابقة ويرفع نسبة مساهمته في رأس المال الإجمالي الثابت من خلال زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي على غرار ما جرى في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم.