من نافلة القول ان بر الوالدين يعد جزءاً مهماً في الشريعة الإسلامية، فطاعة الوالدين تأتي مباشرة بعد طاعة الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى يقول: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" -النساء 36 -، كما أن أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن طاعة الوالدين وبرهما وأهمية ذلك الفعل كثيرة جدا لا يمكن لمسلم إغفالها. من هذا المنطلق جاء حرص الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - على بر والده الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله -، وبره به معروف ومشهور ونادر المثال، وكما تجلى هذا البر في حياة الوالد الإمام، فقد تجلى كذلك بعد وفاته. بعد وفاة الإمام عبدالرحمن - رحمه الله - أرسل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - خطاباً إلى الجد الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي - رحمه الله - يخبره فيها بوفاة والده، يقول: "أحوالنا من كرم الله جميلة، بعد ذلك من قبل وفاة سيدي الإمام، الحمد لله هذا يومه الموعود، وأجله المعدود، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، الحمد لله رب العالمين، إنا لله وإنا إليه راجعون". ثم يأتي دور الوفاء للإمام الوالد، والذي عرف به الإمام - الابن - عبدالعزيز، حيث كتب للجد محمد يقول له: "نخشى أن يكون عليه دين لأحد، وألزم ما علينا دينه، ولا ودنا يصير إلا من ريع أملاكه". وكما نعرف فإن الإسلام جعل الوفاء بدين الميت مطلباً ملحاً ومستعجلاً باعتباره من حقوق البشر وليس من حقوق الله - جل وعز -، وبالتالي فإن الوفاء به يجب ألا يتأخر مطلقاً، ومن هنا كان حرص الملك عبدالعزيز على الوفاء بالتزامات الإمام إن كان هناك شيء من ذلك.. ولعلي أشير هنا إلى لمحة وضاءة من لمحات الملك عبدالعزيز وهي حرصه أن يكون وفاء دين والده من أمواله الخاصة، وإلا فالملك لا يعجزه أن يفي بدين والده، بل إنني أحسب أنه سيكون سعيدا لو فعل ذلك، لكن الوفاء عن الميت من ماله الخاص أكثر نفعاً وأجراً له لأنه من عمله وجهده، ومن هنا جاء حرص الملك على السؤال إن كان للإمام أموال فليسدد دينه منها. كثيرة هي لمحات الوفاء في حياة الملك عبدالعزيز، ومن كان وفياً لوالديه فهو وفيّ لكل أحد، رحمه الله وأسكنه ووالديه ووالدينا فسيح جناته.