إذا كان المديح يُعطي للإدارة الهلالية على المجمل العام لتعاملها مع أمور فريقها الأول لكرة القدم إضافة إلى رقي تعاملها الإعلامي، فان بوصلة النجاح الزرقاء يجب إلا تتجه إلى غير اتجاهاتها المعتادة، وما حصل للهلال نهاية هذا الموسم هو أمر طبيعي؛ لان الزعيم لا يمكن أن يفوز بكل شي، رغم أن عدم دخول بطولة كأس الأبطال المحلية في سجلات الفرقة الزرقاء يعد أمرا يثير الاستغراب لفريق تعود الالتهام المتواصل للألقاب والمجد والتاريخ، ولأن إدارة الهلال تعمل فلها طبعا أخطاؤها، ومن المؤكد أن من لا يعمل لا يخطئ، لذلك فان الهزات الأخيرة يجب أن تكون درسا يتم استيعابه بعناية إذا كان الهلال يريد لقبا قاريا يأخذه إلى العالمية. وإذا استعرضنا مشوار الهلال مع المدربين كوزمين أولاريو ثم إيريك جيريتس، فانه يمكن القول إن المشوار كان ناجحا، لا لأنهما فازا ببطولات، فكل المدربين يفوزون ببطولات مع الهلال، بل لان طبيعة التغييرات التي جلباها سواء في أسلوب الأداء الفني، أو في نمط العمل الاحترافي الذي مارساه كان مختلفا عن نمط مدربي أمريكا الجنوبية، الذين يمكن تسميتهم بمدربي (المقاولات)؛ لأنه لا يهمهم من سيدربون ما دام العقد مغريا، وهو أمر لا يمكن أن تجده لدى المدربين الأوربيين، وإذا كان المدرب البلجيكي ابلغ الإدارة الهلالية بعد نهاية مباراة الاتحاد الخماسية منتصف الموسم الماضي عدم رغبته في الاستمرار مع الفريق، فان الإصرار على بقائه كان غلطة حاسمة؛ لان الإدارة ضيّعت فرصة ذهبية بعد انتهاء مونديال جنوب أفريقيا مباشرة بعدم بدء موسمها بالإعلان عن تعاقد كبير مع مدرب معروف يقود الهلال إلى نهاية هذا الموسم، فكان أن ذهب البجيكي بعد شهرين من بداية هذا الموسم، وجاء خلفه الأرجنتيني جابرييل كالديرون لتعود (المطرسة) في الأداء التدريب. أيضا كان احد ابرز الأخطاء تعاقد الهلال مع المصري احمد علي بديلا عن البرازيلي نيفيز، الذي كان قد مُنح إجازة بعد أسابيع قليلة من بداية الموسم تضامنا مع ولادة زوجته في البرازيل، والفرق في الأداء بينهما لا يحتاج إلى تعليق كثير، ثم جاءت الغلطة الأخرى في عدم تمديد عقد البلجيكي (كارل ويليم) طبيب النادي المتميز بسبب مطالبته بزيادة بسيطة في مخصصه الشهري لا تتجاوز ثلاثة آلاف دولار، وهو أمر أدى بداية الموسم إلى بطء شفاء إصابات متعددة في الفريق، تم على أثرها في منتصف الموسم إلغاء عقد الطبيب الذي أعقب البلجيكي، والتعاقد مع طاقم طبيب آخر، وإذا تركنا التنازل عن لاعب مثل عمر الغامدي عبر مبادلته بلاعب ضعيف فنيا مثل وليد الجيزاني، فان الصفقات التي أتت بلاعبين مثل فيصل الجمعان الموقوف لانتهاكه أنظمة مكافحة المنشطات، ويحيى الكعبي الذي ذهب إلى الفيصلي، كانت دليلا على عدم وضوح الرؤية في التعاقدات الهلالية المحلية، فلا المستويات متميزة وتستطيع فرض اسمها على الخارطة الزرقاء، ولا المراكز التي يراد تغطيتها كانت صحيحة. وارتكب الهلال كذلك غلطة كبيرة عندما أضاع التعاقد مع مدافع مثل عمر هوساوي، مثلما ارتكب غلطة في التنازل عن لاعب محور مثل عمر الغامدي. الأخطاء جزء من العمل، ولذلك يبقى من المهم أن تضبط إدارة الهلال بوصلتها عبر تعاقد متميز مع مدرب أوروبي يسنده تاريخ يشهد له بالنجاح، وعبر تعاقدات محلية وخارجية متميزة تغطي المراكز الفارغة حاليا في الفريق الهلالي التي يشغلها لاعبون ضعفاء فنيا ومهاريا في خانة متوسط الدفاع الأيسر وخانة الظهير اليسرى، وكذلك في المنطقة الهجومية التي يظل فيها الهلال أعرج حتى إشعار آخر.