التردد في الشراء يعني أن تفكر أكثر من مرة قبل أن تقترب من جيبك من أجل استخدام إحدى الوسائل المتاحة للصرف ك"الدفع كاش" أو استخدام بطاقة ائتمان، وهو ما يُعده الرجل حكمة ورصانة تمنعه من سؤال الآخرين وقت الحاجة، بل وتهمة اقتصادية يفتخر بها كثيراً، فهو في الغالب يحاول أن يحفظ قرشه الأبيض لليوم الأسود. وتتبرأ المرأة من التردد أحياناً، إذ أنه يُشعرها بإضافتها إلى "قوافل البخلاء"، الأمر الذي يعني عدم وقوفها في مستوى زميلاتها الأُخريات. "الرياض" ناقشت أسباب التردد عند الشراء لدى الرجال والنساء من خلال سطور هذا التحقيق. ترددت ولكن وقال "عبيد القثمي": إنه تردد كثيراً في شراء فستان سهرة لزوجته من خلال أحد المراكز التجارية المتخصصة في فساتين الأعراس، حيث دفع ما قيمته (3000) ريال، رغم أن السعر مبالغ فيه بشكل كبير، مضيفاً أنه أمام إلحاح الزوجة دفع المبلغ مضطراً، مع تأكيد البائع على أنه القطعة الوحيدة من "الموديل"، ذاكراً أن والدة زوجته تسوقت من سوق البلد المشهور ببيع البضائع بسعر الجملة، وخلال مرورها بين المعارض شاهدت فستان زوجته معروضاً، وعندما استفسرت عن السعر تفأجات بأن سعره لا يتجاوز (500) ريال. مصوغات ذهبية وأوضح الأستاذ "عثمان الحافظ" أن التردد صفة يتميز به الرجل عن المرأة التي تعتبره من صفات البخلاء، مضيفاً أن البعض يرددون دوماً: "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، والحقيقة أنها فلسفة تؤدى بك في نهاية المطاف إلى الديون والحاجة إلى الناس، وهذا ما حدث له من خلال موقف أوقعته فيه زوجته، والتي كانت دوماً تردد هذه الحكمة، عندما طلبت مبلغا من المال لشراء "مصوغات ذهبية"، وعندما اعتذر لها غافلته وأخذت بطاقة الائتمان وبطاقة الصراف الآلي، وسحبت أكثر من (60) ألف ريال مشتريات متنوعة ما بين حقيبة جلدية قيمتها (8000) ريال وملابس وأحذية وإكسسوارات، وبعض المصوغات الخفيفة الوزن الثقيلة القيمة، لافتاً إلى أنه اضطر إلى تطليقها ومطالبتها بإعادة المشتريات وإرجاع ماله!. الأسواق مغرية للنساء أكثر من الرجال وهو ما يدعوهن للشراء بمبالغ كبيرة هواية التسوق ووصف الأستاذ "أشرف الغانمي" النساء بأنهن يهوين التسوق والشراء حتى في حال لم تكن بحاجة إلى البضاعة، فالمهم أن تقتني مشتريات مثل باقي صديقاتها، مدللاً على حديثه بأن "دولاب" ملابس المرأة أكبر مساحة من الرجل، والذي قد يضطر للانتقال الى دولاب آخر وخارج حدود غرفة النوم، مبيناً أن معظم الخلافات بينه وزوجته تنحصر في المشتريات، والتي تفضل دوماً أن تكون من أرقى الماركات، حتى أن مقاضي البيت ترفض شراءها من محلات بيع الجملة؛ لأنها تعدها مخزنة بشكل سيئ، لذلك يعرضها التاجر بسعر أقل، مشيراً إلى أنه دوماً يعيش في ضائقة مالية من منتصف الشهر، بل ولا يستطيع أن يدخر للمستقبل. رغبة الشراء وقالت السيدة "نورة العنبري": كثيراً ما أكون مندفعة وضعيفة أمام رغبة الشراء، والتي بسببها تعرضت لعدد من الأزمات المادية، فأنا وبمجرد ذهابي للسوق لشراء شيء معين قد أعجب بشيء آخر، فلا أتردد ولو لثواني في شرائه، خاصةً إذا كان المبلغ متوفراً، مؤكدةً على أنها تلوم نفسها كثيراً على تلك الاندفاعية للشراء عند حدوث أزمة مالية، أو حين تشعر بأنها قد تسرعت بشراء ما ليس ضرورياً، لتجيب على نفسها قائلةً: ولكن ماذا عسانا نفعل أمام بريق تلك الإعلانات والعروض، والتي تستهدف ما تملكه النساء من مال، ولكنني أحمد الله بأن الرجال أكثر تعقلاً في تلك المسائل، حتى لا يكون الإفلاس بداية كل شهر. الحياة مظاهر وأوضحت "فرح عثمان" أنها لا تجد متعتها إلاّ في التسوق والخروج من المراكز التجارية وهي محملة بالأكياس، والتي تحمل كل ما رأتها عينها للمرة الأولى، أو ما رأته لدى صديقاتها وبحثت عنه، حتى لا تكون أقل منهن، فالحياة مظاهر وهذه حقيقة لا يجب تجاهلها، ذاكرةً أنها رغم سنوات العمل الطويلة التي قضتها بين دفاتر التصحيح وطباشير السبورة إلاّ أنها لا تمتلك مالاً ادخرته للمستقبل، والذي يشعرها بالخوف الذي يتلاشى بمجرد أن تثني إحدى الصديقات على حقيبتها الغالية، أو عباءتها التي تجددها كل أسبوعين، مشيرةً إلى أن تأمين المستقبل بيد الله ومسئولية الزوج. سيدات يتوقفن عند احد عروض الشركات بحثاً عن الجديد مسايرة الموضة ورفضت "عبير الريس" اتهام النساء بالبذخ في الشراء، فكل الأشياء في السوق موجهة للمرأة، بحكم حاجتها إليها، وليس بسبب شراهتها في الشراء، مضيفةً أن مفردة الجمال أنثى، وهو ما يطلب منها أن تكون مسايرة للموضة، وذلك حسب ميزانيتها سواء كانت زوجة أو عاملة، مشيرةً إلى أنه في الغالب الرجل يدفع بالمرأة الى هذا النهم الشرائي بحكم متطلباتها المتغيرة بشكل دائم وهذا يدفعني للقول: "إبحثوا عن الرجل دائماً". سلوك مظهري وأكد "د.عبدالعزيز الغريب" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود- على أن الدراسات الخاصة بالاستهلاك في مجتمع المملكة تشير إلى أن المرأة تُعد أكثر إقبالاً على الاستهلاك والاقتناء، وهو ما يعرف بالسلوك المظهري أو المنتجات الاستهلاكية ذات الطبيعة المظهرية، جراء التقليد ورخص الأسعار أو التغيير أو الرغبة في التميز والارتفاع الطبقي، مضيفاً أنه بالنسبة للرجل فإن إدراكه للسعر المناسب أكثر من المرأة، ورغبته في تخفيض المنتج الاستهلاكي أكثر من المرأة، على اعتبار أنه في المجتمعات الشرقية هو المورد الاقتصادي للإنفاق، وبالتالي استشعار لعملية توفير السيولة لديه أكثر، لذلك نجد الرجال يدققون في السعر ويسألون عنه قبل المنتج. د.عبد العزيز الغريب محور الاستهلاك وأضاف أن المرأة تُعد محور الاستهلاك في المجتمعات المعاصرة، لذلك نجد المحلات التجارية والاقتصادية ترغب في اقبال المرأة أكثر من إقبال الرجل؛ والسبب أن غريزة الاقتناء والاستهلاك لدى المرأة أعلى من الرجل، بحكم طبيعة تكوينها وإدراكها للموارد المالية والاقتصادية، وبحكم أنها أكثر رغبة في التجربة من الرجل، وبحكم أن معظم المنتجات الاستهلاكية ووسائلها موجه للمرأة. د.الغريب: المرأة لديها قناعة أن السعر هو من يحدد جودة السلعة ! السعر هو الأهم وقال: عندما نردد أن المرأة مستهلكة أكثر، وتشتري من أول محل، ولا تهمها الأسعار مقارنة بالرجل، فذلك بسبب أنها تلح في الاقتناء ولديها قناعة أن السعر كلما كان أكثر كلما كان ذا قيمة ثمينة لديها، بحيث نجد التفاخر بالأسعار أكثر من المنتج نفسه، سواء على مستوى التقنية أو الإكسسوارات أوالساعات وخلافها، في الوقت الذي كانت فيه الناس تميل سابقاً إلى الذوق أكثر من الأسعار، وهذا التفكير غير موجود حالياً، مشيراً إلى أنه في السنوات الأخيرة أصبح السعر هو المحدد المهم لاقتناء المرأة للسلعة، وذلك مع دخول الماركات المقلدة في حياة المجتمعات المعاصرة.