قرأت كثيراً عن مثالب الخطوط السعودية. تفتح الجريدة أي جريدة فتجد مقالات ناقدة وقصائد هجاء ورسوم كريكاتيرات وغمزات وتلميحات موجهة في نقد إيجابي، وأحيانا فج للخطوط السعودية. فكرتُ أن أكتب عن الموضوع وقد أزف. سأنطلق من سؤال واحد أوجهه للكتاب والصحفيين والرسامين: يا إخوان ما تملّون؟ ما عندكم موضوع غير الخطوط السعودية؟ هذا السؤال ليس من تأليفي. سؤال له حضور في مكان آخر وبقوة. واجهته أكثر من مرة. بالتأكيد واجهه معظم الكتاب. نستكمل هذا السؤال بقولنا: خلاص عبرتم عن رأيكم، وقلتم ما تريدون إلا تجدون موضوعا آخر؟! جلبتُ هذا السؤال من مكانه الأصلي إلى هنا للتخفيف من قلقي ككاتب يتمنى ألا يفقد قراءه. لايمكن تجاهل أهميته إذا قرأناه في مكانه الذي نشأ فيه كما سنرى بعد قليل. هل هذا السؤال منطقي أم يخفي في داخله مشكلة أخرى أكثر من المشكلة التي تخلقها الخطوط السعودية أو أي مؤسسة حكومية أخرى؟ الصحافة والنقاد والمواطنون قالوا رأيهم. الكرة الآن في ملعب الإخوة المسؤولين في الخطوط ومن يعنيهم الأمر. هل يفيد الزن. عندما تقرأ التعليقات على المواضيع المتعلقة بالخطوط السعودية والمواضيع المتعلقة بالبطالة والمواضيع المتعلقة بالوظائف رغم تكرار هذه المواضيع بصورة كبيرة لم أصادف أن احدا من القراء علق بهذا السؤال على الإطلاق بيد أن هذا السؤال يتضخم وينتفخ إذا تكلمنا مثلا عن قيادة المرأة، أو عمل المرأة أو عن الهيئة أو عن السينما. لا يثيرني من يعترضون على وجهة نظري في مثل هذه القضايا. لم تندلع مثل هذه المناقشات إلا بسبب وجود وجهات نظر مختلفة. كل وجهة نظر لها شواهدها وأدلتها ومبرراتها. لكن الملاحظ أن كل القراء الذين يطرحون هذا السؤال لا يعبرون عن وجهة نظر (مع أو ضد) ولكن تظهر عليهم البراءة فقط. إذا صدق سؤالهم فهم في الواقع لا يعترضون على قيادة المرأة أو حق المرأة في العمل أو نقد الهيئة بل يعترضون على التكرار. أصبح مملا. يريدون التجديد والتطوير في المواضيع المطروحة. شيء رائع. كثير من الكتاب لا يوجد لديه سوى عدد محدود من المواضيع. عمل المرأة ، قيادتها ، الخطوط السعودية , البطالة , الهيئة , الإرهاب, غلاء الاسعار وموضوعين أو ثلاثة أخرى. عندما تقرأ الصحف السعودية خلال السنوات العشر الماضية لن تجد غير هذه المواضيع مع الأسف. لكني لا أفهم لماذا تكرار المواضيع المتعلقة بالمرأة أو بالهيئة يصيب بعض الناس بالملل في الوقت الذي يطربون فيه عند سماع نقد للخطوط السعودية مهما تكرر؟ هل القضية سيكيلوجية؟ هل نشبه حالة التشبع والملل من بعض المواضيع على أساس موسيقى. بعض الموسيقات تطرب لها بلا كلل أو ملل، وبعضها تحب أن تسمعها ولكن بقدر معين بعدها تصبح مملة. أم أن المسألة تتعلق بإيمانك بقدرة الإدارات وإمكاناتها للتطوير مثلا. لا يصيبهم الملل عند نقد الخطوط السعودية. ربما لأنهم يثقون أن الزن ينفع مع مديري الخطوط السعودية، ولكنه لا ينفع مع مديري الهيئة فيصيبهم الملل. إذا كان استنتاجي الأخير صحيحاً فأرجو من هؤلاء القراء الكرام وضع ثقتهم في كل مديري الإدارات الحكومية . هذا ما لزم ودمتم..