كما في سينما الطريق فإن لموسيقى الروك نصيبها من الأعمال التي جعلت من الترحال والتجول هدفاً وغاية بحد ذاته، ولعل العمل الذي تدور حوله الزاوية اليوم، نموذج جيد لما يمكن أن يسمى أغنية الطريق، بكل ما فيها من مباشرة وبساطة ووضوح، لكن هذه المباشرة والوضوح لا يلغيان المستوى الثقافي والاطلاع الواسع لبعض أعضاء الفرقة، أو كاتب كلمات هذه الأغنية مارس بونفاير، الذي كان عضواً في فرقة "ذا سباروز" الاسم الذي تغير فيما بعد إلى "ستيبنوولف - ذئب السهوب"، عنوان إحدى أبرز روايات الألماني هرمان هسه الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1946م. كتب بونفاير الأغنية في البداية كأغنية بالاد هادئة، وعرضها على أكثر من فرقة، لكن قربه من الفرقة الكندية "ستيبنوولف" التي كان عضواً في بداياتها قبل تغير اسمها، إضافة إلى أن أخاه جيري كان قارع طبول الفرقة، كانت الأغنية من نصيبهم، ومع إعادة كتابتها وتحريك اللحن نحو نمط الهاردروك، تم تسجيلها مرة أخرى عام 1967م، على الرغم من أنها لم تظهر منفردة إلا في عام 1968م، ثم لاحقاً في الألبوم الأول الذي حمل اسم الفرقة كما هو معتاد في العديد من حالات الفرق والفنانين حول العالم، لكن شهرتها استطارت مع ظهورها في الفيلم العلامة "إيزي رايدر" لدينيس هوبر عام 1969م. ومع أنها كانت أغنية احتياطية للفيلم، لأن بيتر فوندا كان يرغب بأن تكون أغاني الفيلم من أعمال فرقة كروسبي، ستيلز آند ناش، لكن اختيار أغنية ستيبنوولف أثبت جدارته مع مرور الزمن حتى وقتنا الحاضر، حيث ظلت الأغنية مطلوبة في العديد من الأفلام، كما أصبحث ثيمة للدراجين في أي تجمع لهم حول العالم، ويمكن مشاهدة العديد من مقاطع الدراجين، التي يتم تركيب الأغنية عليها، بسبب ارتباطها بمفهوم الطريق وبفيلم هوبر الرائع. إحدى السمات التي تحملها الأغنية في بنيتها اللحنية، أنها تعد أول أغنية هيفي ميتال؛ لأن المصطلح ظهر أول مرة في الأغنية الغربية من خلال كلمات الأغنية التي يصف فيها بونفاير الدراجة بقوله: "رعد المعدن الثقيل - هيفي ميتال ثندر"، لفظ الهيفي ميتال هو الآخر، ظهر أول مرة من خلال رواية تأثر بها بونفاير في شبابه، رواية "الآلة الناعمة" للأمريكي البارز ويليام بوروز عام 1961م. وكما هو متوقع فإن الأغنية تفتح بطرق حاد على الطبول بالتوازي مع عزف حارق على الجيتار المساعد والرئيسي خلفه مباشرة في "رِف" تاريخي، تستمر الطبول في عزف رتيب تاركة مساحة التغيير للجيتار الرئيسي، الذي يتيح له الجيتار المساعد الانتقال عن طريق القطع الدائم بعد كل مقطع يغنيه جون كاي مغني الفرقة ورجلها الرئيسي، مع الكورس التاريخي الذي ينطق فيه كاي عنوان الأغنية بمد واسع مع جيتار خلفي يعزز من اللحن الخالد. كلمات القصيدة الغنائية، تدور حول دعوة واضحة وصريحة للترحال، شغل محرك دراجتك، انطلق على الطريق السريع، سابق في الريح، أنت ابن الطبيعة وتحت السماء، امتلك المغامرة، الضباب والبرق رفيقاك، ولا تهتم بما يخبئه لك الطريق. ليس من غموض أو رموز ذات دلالات ما في الكلمات التي تدور في اللحن الذي يستغرق ثلاث دقائق ونصف فقط. يروي بونفاير في مقابلة معه، مصدر إلهامه للأغنية التاريخية بأنها جاءت بعد رؤيته لبوستر في منطقة هوليوود بولفارد، كان البوستر يحمل صورة دراجة نارية تنبثق من الأرض واللافا البركانية تحيط بها من كل مكان، وقد كتب في غرة البوستر "وجد لكي يمتطى"، في ذلك الوقت كان بونفاير يستمتع بأول سيارة يمتلكها، ومع ذلك الشعور بالحرية والاستقلال في منطقة متسعة بطبيعة ساحرة، كتب بونفاير أشهر أعماله التي ذهب ريع حقوقها لاسم فرقة ستيبنوولف. حصدت الأغنية المرتبة الثانية في تصنيف البليبورد لأنشط مائة أغنية منفردة عام 1968م، والمرتبة الثالثة والخمسين في قائمة أفضل أغنية هارد روك من تصنيف في إتش ون، كما حققت المرتبة التاسعة والعشرين بعد المائة في تصنيف قائمة رولينج ستون الشهيرة لأفضل خمسمائة أغنية على مر التاريخ.